نقدم لكم مناسبات ومهرجانات يتميز بها فصل الخريف في اليابان!

0

قد يعتقد الكثير أن المهرجانات والمناسبات الجميلة في اليابان ترتبط بالصيف أو الربيع فقط، ولكن هل تعلمون أنه في كل فصل يوجد العديد من المناسبات والمهرجانات المميزة! ففي فصل الخريف تُقام العديد من المناسبات والمهرجانات سواء أكانت مرتبطة بالثقافة أو الزراعة أو حتى الرياضة.

 

ولاسيما أن فصل الخريف في اليابان يمتاز بأجواء معتدلة ونسيم بارد في الصباح والليل، بينما تتزين الطبيعة تدريجياً باللون الأحمر والأصفر ودرجات البني الدافئة. وذلك ابتداءً من المناطق الشمالية حتى الجنوبية وبعض المناطق الأخرى اعتماداً على عوامل المناخ والموقع. وهذا ما يضفي جمال ساحر لطبيعة اليابان وحدائقها لتجذب جميع السكان والسياح للاستمتاع بجمالها. وفي هذه المقالة سأقدم لكم بعض المناسبات والمهرجانات التي تُقام في اليابان في أجواء خريفية ملونة!

 

مهرجان الثقافي المدرسي

وهي مهرجانات ثقافية تعقدها المدارس في اليابان مرة كل عام في فصل الخريف. ابتداءً من الحضانة حتى المرحلة الجامعية. وفيها يعرض الطلاب إنجازاتهم الفنية والإبداعية ويقومون بالعديد من الأنشطة المسلية والمفيدة، والتي من شأنها أن تنشر أجواء ممتعة ومسلية. ويحضر هذا المهرجان أهالي الطلاب والأشخاص الراغبين في التسجيل في المدرسة، وكما تقبل بعض المدارس للعامة الحضور للاستمتاع وللتعرف على أجواء المدرسة ومواهب طلابها.

 

أما بالنسبة للأنشطة التي يقوم بها الطلاب فهي تتنوع من مدرسة لأخرى وذلك حسب تخطيط الطلاب. ففي أغلب الحالات يتم تجميع آراء الطلاب لتنفيذ أنشطة مميزة في المهرجان، وكما يتناقشون حول الزينة والملابس والأدوات التي تلزمهم بحيث لا تكون مكلفة اعتماداً على ميزانية المدرسة.

 

وغالبًا ما يتم تحويل الفصول الدراسية أو صالات الألعاب الرياضية وساحات المدرسة إلى مطاعم أو مقاهي مؤقتة، بأجواء عصرية أو تقليدية أو حتى فكاهية وذلك حسب تخطيطهم. مثلاً قد يلبسون  “الكيمونو” ويخدمون الزبائن بطريقة تقليدية أو قد يلبسون ملابس “كوسبلاي” لشخصيات أنمي مشهورة. وكما يخصصون مكان لتحويله لمسرح لأداء الرقصات والحفلات الموسيقية وبالتأكيد لا ننسى المسرحيات التمثيلية التي تتنوع من فكاهية وتاريخية وعلمية والخ.

 

 

أما في ساحات المدرسة على سبيل المثال قد يضعون أكشاك طعام وحلوى. وأيضًا أكشاك لأعمالهم الفنية مثل لوحات ورسومات وحرف يدوية، وقد يضعون ألعاب تقليدية أو يقيمون مسابقات للجمهور مع جوائز تذكارية.

 

وفي بعض الحالات يتم تأدية الرقصات والحفلات الموسيقية أو عروض تقليدية من قبل متطوعين فرديين أو من قبل نوادي مدرسية مختلفة، مثل نادي الرقص ونادي الأدب ونادي الدراما ونادي رمي السهام وغيرهم. وذلك يعطي انطباعاً عن مدرستهم وعن طلابها المبدعين.

 

 

يابوسامي

هل تعلمون أن المهرجان الثقافي لا يشمل فقط المدرسة بل يشمل الكثير من المهرجانات والمناسبات الثقافية التقليدية. ومنها رياضة “يابوسامي” وهي فن من فنون الرماية التقليدية اليابانية المليئة بالمواكب الاحتفالية والطقوس والعروض الدرامية. وهي في الأساس حسب الاعتقادات اليابانية تُقام لإرضاء وترفيه عدد لا يحصى من الآلهة الذين يراقبون اليابان، وهكذا ستتشجع تلك الآلهة لإرسال بركاتهم لازدهار الأرض والشعب والحصاد. ولهذا فهي تتميز بأنها طقوس إلى جانب كونها رياضة بسبب أسلوبها الرسمي وجوانبها الدينية.

 

ويعود أصول هذا النوع من الرماية إلى  فترة هييان حيث يقال أن مؤسسها إمبراطور أودا “ميناموتو نو يوشياري” عام 896 م. فتم تنظيم هذه الرياضة التي عُرفت فيما بعد باسم “يابوسامي” كشكل من أشكال الممارسة التي تساعد على توازن الجسم والعقل أثناء ركض الحصان وتصويب الهدف، من أجل تطوير اسلوب الرماية واتقانها.

 

 

في هذه الرياضة والطقوس يرتدي المشاركون ملابس تقليدية مثل ملابس الساموراي. ويقوم رماة السهام بتصويب ثلاثة أهداف خشبية بالسهام، بينما يركض الحصان بسرعة عالية في مسار طويل يبلغ طوله في الأصل 218 م تقريباً والأن يوجد مسارات طويلة تصل إلى 250م.

 

وأثناء الركض يتحكم رامي السهام بشكل أساسي في حصانه بركبتيه، فهو يحتاج إلى كلتا يديه ليستعمل قوسه ويطلق السهم. وعندما يقترب من الهدف، يرفع قوسه لأعلى ويسحب السهم بجوار أذنه قبل أن يترك السهم يطير بسرعة. أما بالنسبة للسهم فهو غير حاد ومستدير الشكل، وذلك لإصدار صوت أعلى عندما يضرب الهدف.

 

في الصورة التالية، كان الهدف ذو شكل دائري صغير الحجم متركز بالنصف ومربوط بحبال بكلتا الجهتين، عندما أطلق الرامي السهم عليه تقطعت الحبال من شدة الضربة وانكسر الهدف إلى نصفين.

 

 

تُقام هذه الطقوس والرياضة عدة مرات في السنة، أما في فصل الخريف يُقام الحدث الأكثر شهرة في كل عام في 16 سبتمبر في ضريح “تسوروغاوكا هاتشيمانغو” في كاماكورا. وكما يُقام في الثالث من نوفمبر وهو عطلة وطنية يُعرف باسم “اليوم الثقافي”، حيث يتم الاحتفال في هذا اليوم بعيد ميلاد الإمبراطور “مييجي” منذ عام 1948 م حول ضريح “ميجي جينجو” بطقوس وعروض مذهلة للغاية.

 

 

صيد أوراق الخريف “موميجي غاري”

ويعني الخروج إلى الجبال والحقول والمتنزهات للاستمتاع بأوراق الخريف التي تلونت بالأحمر والأصفر. في هذه الفترة يخطط الكثير من الناس لرحلة إلى مكان مشهور بأوراق الخريف المتطايرة في كل مكان وبالمناظر الخلابة. ولكن لماذا تم استعمال كلمة صيد “غاري”؟ كلمة صيد في اللغة اليابانية تُستعمل في الأساس لتدل على اصطياد الطيور البرية والحيوانات الصغيرة وكذلك لتعني قطف وحصاد الفاكهة والخضراوات وغيرهم. ولكن في مصطلحات كهذه “صيد أوراق الخريف” تُستعمل لتعني مشاهدة النباتات والزهور وتقدير الطبيعة الجميلة والتأمل بها.

 

يُقال أن هذه المناسبة أو العطلة لم تكن موجودة في فترة “هييآن”، وذلك لأنه كان من الصعب للزعماء الذهاب لمشاهدة أوراق الخريف التي توجد غالبًا في الجبال والوديان. وهذا على عكس مشاهدة أزهار الساكورا المنتشرة في كل مكان في الربيع والتي بدأت عادة التجمع حولها والاستمتاع بها منذ القدم. كما قيل أيضًا لم تبدأ عادة مشاهدة أوراق الخريف في ذلك الوقت لأن الخريف كان فصل غير مُبشِر، لأن وراءه شتاء بارد وقارس.

 

وبعدها في منتصف فترة “إيدو” (1603-1868 م)، بدأ عامة الناس يستمتعون بأوراق الخريف الملونة. وذلك عندما بدأ التجار الأثرياء في الظهور وازدهرت ثقافة سكان المدينة، فأصبح الناس يحضرون وجباتهم ومشروباتهم ليجتمعوا مع أصدقائهم وعائلاتهم تحت أشجار الخريف الحمراء والصفراء تماماً مثل موسم الساكورا.

 

صف من أشجار الجنكة الذهبية عند جامعة هوكايدو

 

أما بالنسبة لسؤال ما هو أفضل وقت للذهاب لمشاهدة أوراق الخريف في ذروتها في جميع أنحاء اليابان؟ في الواقع قد يختلف الوقت باختلاف المناخ في جميع اليابان. بشكل عام تتغير الألوان بدايةً من الشمال إلى الجنوب، ومع ذلك قد تتغير الألوان بشكل غير متوقع بسرعة اعتمادًا على ارتفاع المكان. لذا يفضل دائماً عمل جدول والتحقق من المكان والتخطيط قبل الذهاب للرحلة.

 

مثلاً نهر “ناجاتورو” بمحافظة “سايتاما”. أفضل وقت للذهاب إليه يمتد من أول شهر نوفمبر حتى آخره، حيث تتلون ضفاف النهر بالأحمر والبرتقالي والبني. يمكنكم مشاهدة أوراق الخريف بينما تستمتعون بجولة على قارب لطيف أو أثناء تناول الطعام.

 

 

مثال آخر هو منتجع الينابيع الساخنة “إيكاهو أونسِن” بمحافظة “غونما”. أفضل وقت للذهاب إليه يمتد من أواخر أكتوبر إلى أوائل نوفمبر. حيث يوجد جسر أحمر في منبع “يوموتو” يتميز بإطلالة خيالية. ويعد مكان مثالي لالتقاط الصور مع الأشجار الملونة بألوان الخريف. كما يمكنكم الاسترخاء في حمامات الينابيع الساخنة القريبة والاستمتاع بأوراق الخريف التي تضاء ليلاً في بعض المناطق حول المنتجع.

 

 

الهالويين

الهالوين هو مناسبة وعطلة ترجع في الأصل لمجتمعات الكيلت التي كانت تعيش في أوروبا. وفيه يتم الترحيب بأرواح الأجداد وطرد الأرواح الشريرة، وبهذا الهدف فهو يشبه مناسبة “أوبون” في اليابان. ومع ذلك يبدو أنه أصبح يحتفل به الكثير في اليابان كفترة ترفيهية ومسلية. ويتم الاحتفال يوم 31 أكتوبر، ولكن الفترة المحددة تمتد من سبتمبر إلى نهاية أكتوبر.

 

في الماضي كان يُعتقد أن الأول من نوفمبر هو العام الجديد، وأن أرواح الأجداد ستعود لمقابلة عائلاتهم في ليلة 31 من شهر أكتوبر أي ليلة رأس السنة. ولكن قيل أن الأرواح الشريرة كانت تأتي مع الأرواح الأخرى لتسبب أضراراً للمحاصيل، ولتختطف الأطفال، ولتؤذي البشر في هذا العالم.

 

ومن أجل منع هذه الأمور السيئة، يقال أن الناس قاموا بمفاجأة لطرد الأرواح الشريرة، فارتدوا الأقنعة والملابس المخيفة وأشعلوا النيران أمام البيوت. وفي النهاية أصبحت مناسبة يمكن للبالغين والأطفال المشاركة بها ولكن المعنى الديني لها قد تلاشى مع الزمن.

 

بالتأكيد أول ما يميز الهالوين هو اليقطين الذي ستجدونه في كل مكان حول المقاهي والمطاعم ومنه معروض للبيع أيضاً. وكما تتوفر خدمة بيع اليقطين المنحوت على شكل وجه كالذي ترونه في الصورة. حيث يُقال أنه إذا قطعتم وجهًا مخيفًا لليقطين وزينتم بها مدخل المنزل والنوافذ، فستكون بمثابة تميمة وستُخيف الأرواح الشريرة وتبعدها.

 

 

وفي وقت الخريف ابتداءً من شهر سبتمبر تبدأ المتاجر اليابانية والمقاهي والمحلات كلها بالاستعداد للهالوين بتحضير الزينة والمأكولات والحلوى الشهية التي تتزين بطابع الهالوين والألوان الخريفية أيضاً. هذا إلى جانب القرطاسية وأدوات المائدة بجميع أنواعها، والمسليات والشوكولاتة وغيرهم من منتجات.

 

في الصورة التالية تظهر لكم نمط لمشروب مع زينة الهالوين واليقطين في أجواء خريفية لطيفة، بالتأكيد يتم صنع العديد من الوجبات التي تدخل بها اليقطين كعنصر أساسي.

 

 

يُقال أنه من أجل طرد الأرواح الشريرة فلابد من التنكر ولبس لباس مخيف. هذه العادة كما ذكرتُ سابقًا تلاشت عن المعنى الديني. أما في اليابان التنكر هو أمتع وقت ستمرون به، حيث يتنافس الكثير في تقديم أفضل ما لديه من ملابس. فيُقام عروض ومنافسات لملابسهم، منها الغريب والجديد، ومنها ما يُسمى بالكسوبلاي حيث يتنكرون بلباس وشخصيات الأنمي فتبدو وكأنها خرجت للواقع. إنها من الأحداث المميزة التي لابد من حضورها في فصل الخريف.

 

كما ترون في الصورة التالية، عائلة تحتفل بالهالوين، فوضعوا الزينة وصنعوا طعاماً شهياً باستعمال اليقطين والبسوا طفلهم اللطيف لباس اليقطين. أعتقد أن الملابس اللطيفة تسعد الأطفال كثيراً، حيث يشعرون وكأنهم أصبحوا شخصية خيالية مهمة. إنها أجواء ممتعة للغاية!

 

 

بالمناسبة يوجد في الهالوين عادة عندما يذهب الأطفال ليلاً إلى البيوت فيطرقون الباب ويقولون “خدعة أو حلوى”، وعلى الكبار الإجابة بعبارة “هالوين سعيد” ثم يعطوهم الحلوى، وإذا لم يعطوهم الحلوى فقد يقوم الأطفال بتصرفات مؤذية. حيث يُقال أن الحلوى لها معنى قديم وهو طرد الأرواح الشريرة.

 

ومع ذلك لا يوجد في اليابان مثل هذه العادة أبداً، ولكن يبدو أن الكثير يحب تحضير الحلوى والشوكولاتة وتقديمها عند التجمع مع العائلة والأصدقاء. فيبدع الكثير بصنع أشكال لطيفة وجميلة.

 

 

مناسبة تسوكيمي

تسوكيمي ويعني حرفياً “مشاهدة القمر” ويُعرف أيضاً باسم “جوغويا” في اللغة اليابانية ويعني ليلة الخامس عشر. وأيضاً له أسماء أخرى مثل “حصاد القمر” و “مناسبة منتصف القمر”. وتُقام هذه المناسبة من أجل تكريم قمر الخريف من أجل الحصاد الوفير. وعادةً ما يتم الاحتفال بالقمر تماماً كما يوحي اسم المناسبة في اليوم الخامس عشر من الشهر الثامن من التقويم الياباني القديم. حيث تقع هذه الأيام عادةً في شهري سبتمبر وأكتوبر من التقويم الشمسي الحديث.

 

وعادةً ما يرتبط اسم المناسبة باكتمال القمر. في الواقع إن القمر لا يكون دائماً مكتملاً في هذه الفترة، ومع ذلك في كثير من الأوقات يكون متكملاً. ولكن حتى وإن لم يكن القمر مكتملاً فإنه في هذا الوقت يكون في أجمل مشهد، حيث يكون لامع ومتلألأ بجمال ساحر ورهيب.

 

 

وقد كان اليابانيون في الماضي يحتفلون بمناسبة تسوكيمي بإقامة الحفلات لمشاهدة قمر الحصاد، ويُعتقد أن هذه العادة نشأت مع الأرستقراطيين اليابانيين خلال فترة هييآن (794-1185 م) متأثرين بالعادة الصينية لمهرجان منتصف الخريف.

 

حيث كانوا يجتمعون حول الحقول والأنهار لمشاهدة انعكاس القمر، ويلقون الشعر تحت اكتمال القمر المعروف باسم “قمر منتصف الخريف”. واستمرت هذه العادة حتى يومنا هذا. حيث يقوم الناس بالبحث عن أفضل مكان لقضاء الليلة فيه لمشاهدة القمر مع أصدقائهم وعائلاتهم ويتناولون حلوى “أوتسوكيمي الدانغو” أي دانغو مشاهدة القمر، بينما يستمتعون بجمال القمر بأجواء هادئة.

 

وكما يتم عرض “سوسكي” وهو “عشب بامباس” الذي يميل إلى أن يكون في ذروته في الخريف، هذا إلى جانب استعمال زهور أخرى مثل “الكوزموس”. حيث يتم وضعهم في إناء بالقرب من المنطقة التي يتم فيها مشاهدة القمر.

 

 

وبالحديث عن ماذا يتم تقديمه للقمر، يُقال أن “أوتسوكيمي دانغو” يمثل القمر لأنه أبيض ومستدير فيتم استعماله. وكما يوجد مناطق تقدم القلقاس والبطاطا الحلوة. هذا بالإضافة إلى عرض محاصيل الخريف مثل الفاصوليا والكستناء والفواكه، وحتى الماء و”الساكي”. فكلها تعتبر عربان خريفي يُقدم للقمر. وبالتأكيد يمكنكم الاستمتاع بهذه الأطعمة أثناء مشاهدة القمر، حيث يُقال أنه يمكن اكتساب الصحة والعلاقة مع الإله من خلال دمج القربان في جسمكم.

 

وقد يستغرب البعض لماذا توجد صورة أرنب أو دانغو تتخذ شكل أرنب عند مشاهدة القمر. إن السبب يرجع لقصص كثيرة وأكثرها شيوعاً هي القصة التالية: يُقال في يوم من الأيام كان هناك قرد وثعلب وأرنب وجدوا في طريقهم رجلاً عجوزًا منهكًا سقط في طريق الجبل. فحاولوا مساعدته بإحضار طعام له، فجمع القرد الجوز، واصطاد الثعلب السمك من النهر، بينما الأرنب لم يستطع الحصول على شيء. ولكنه أراد مساعدة العجوز بأية طريقة، فطلب من القرد والثعلب أن يشعلوا النار وقفز فيها ليكرس نفسه كطعام للعجوز.

 

عندما رأى العجوز ذلك المشهد، كشف عن هويته بكونه أحد الآلهة ورفع الأرنب إلى القمر لينقل رحمته إلى الأجيال القادمة. في البوذية يعد الظل الشبيه بالدخان حول صورة الأرنب على القمر هو الدخان الذي خرج عندما حرق الأرنب نفسه.

 

 

حصاد الأرز

لقد بدأ الخريف وأصبحت حقول الأرز مكسوة باللون الذهبي تتراقص وهي متدلية مع نسيم الهواء المنعش. أصبحت جميعها جاهزة للحصاد وبدأ المزارعين بحصد الأرز الذهبي الذي يمثل الطعام الذهبي في حياتهم. أما بالنسبة لوقت حصاد الأرز فهو يختلف من منطقة لأخرى تبعاً لدرجات الحرارة، كما يوجد أنواع من الأرز تختلف في فترة النضج. ولكن بشكل عام وقت حصاد الأرز غالبًا ما يمتد سبتمبر حتى أكتوبر، وهناك مناطق يبدأ بها الحصاد مبكراً من أغسطس حتى آخر نوفمبر.

 

وقد أصبحت طريقة حصادة الأرز في السنوات الاخيرة آلية أكثر وأكثر. ومع ذلك مازال هناك طرق حصاد تقليدية في بعض المناطق الريفية، حيث يتم الإمساك بحزمة الأرز باليد، ثم تُقطع بالقرب من الجذع باستعمال المنجل باليد الأخرى. قد تستغرق الطريقة اليدوية وقتاً طويلاً ولكن العمل الجماعي ممتع للغاية.

 

في الماضي كانت أيدي العاملة قليلة فكان الأطفال يشاركون في حصاد الأرز مع الكبار حتى ينتهوا في وقت أقل، ولذلك كانت بعض المدارس في المناطق الريفية تقيم عطلات تُسمى “عطلة حصاد الأرز”.

 

أما الطريقة الحديثة والأكثر شيوعاً يستعمل فيها العديد من المزارعين آلة كبيرة تُسمى “كومباين” أي حصادات الأرز. وبعدها يتم تعبئة الأرز المحصود في أكياس أو خزانات ونقله إلى مكان للتجفيف. إن هذه الطريقة أسهل وتوفر الكثير من الوقت والجهد وهي منتشرة في معظم أرجاء اليابان.

 

 

وبما أن الأرز المحصود يحتوي على الماء، فقد يتخمر الأرز ويتعفن إذا ترك كما هو. ولمنع حدوث ذلك يتم تجفيف الأرز باستخدام مجفف خاص. ولكن هناك خيار آخر يعتمده الكثير من المزارعين، وهو تجفيف الأرز بالطريقة التقليدية باستعمال الخيزران والخشب لصنع قاعدة مرتفعة عن الأرض يُعلق عليها الأرز المحصود لتجفيفه في الشمس، وهذه الطريقة تساعد الأرز على الحفاظ على العناصر الغذائية دون فقدان قيمتها.

 

وبعد جفاف الأرز يقومون بتقشيره وفصل الأرز البني عن الأبيض، ثم يبدأ المزارعون بعملية تخزين الأرز بطريقة معينة من أجل الحفاظ على مذاقه اللذيذ والطازج حتى صيف العام التالي. حيث يتم تخزينه في مكان بارد ومظلم مع ضبط درجة الحرارة بشكل صحيح والتحكم في الرطوبة.

 

 

ومنذ العصور القديمة كان حصاد الأرز شيء مميز وممثل للخريف في المناطق الريفية باليابان. ولذلك كان يُقام مهرجان الخريف وهو مهرجان يحتفل فيه بحصاد الأرز الناجح ويدعون فيه من أجل حصاد آخر ناجح وجيد للعام المقبل.

 

وكانوا يصنعون فيه أطعمة يابانية تقليدية لذيذة بالأرز الجديد ويستمتعون بتناوله على أنه أرز جديد وطازج ولذيذ بعد انتظار وجهد، فكانوا يجتمعون ويتشاركون الأطعمة مع عائلاتهم وأحبائهم ويشكرون الأشخاص الذين ساعدوهم أيضاً من متطوعين وجيران. ومازالت هذه العادة موجودة وهي من أجمل الأوقات التي تنشر أجواء الحنين والدفء.

 

 

الخلاصة

قدمتُ لكم مناسبات ومهرجانات وطقوس تُقام في فصل الخريف في اليابان، كما رأيتم لجميعها أجواء مميزة ومتنوعة استمرت منذ القدم ليومنا هذا يحتفل بها ويمارسها اليابانيون بفرحة وسعادة. إذا كنتم من محبي أجواء الخريف الدافئة فأوصي بحضور مهرجانات رمي السهام “يابوسامي” وصيد أوراق الخريف، ولما لا تزوروا المهرجانات المدرسية أو الريف لتستمتعوا بالأجواء التقليدية وبالأرز الطازج اللذيذ.

 

أما بالنسبة لصيد أوراق الخريف والتي تكون في ذروتها في منتصف شهر أكتوبر، فهي نشاط واسع يمكنكم صنع أجواءه وفعاليته حسب رغبتكم. خاصةً إن كنتم في فترة الهالوين، وأيضاً يمكنكم ضم مناسبة تسوكيمي إلى جدولكم فتصبح الرحلة ممتعة للغاية!

 

بالتأكيد يمكنكم اختيار المواقع التي تودون زيارتها والتسوق فيها، والمقاهي التي تلبي رغباتكم والتي تقدم في ذلك الوقت عروض وأطعمة لذيذة. لذا احرصوا على الاستمتاع في كل لحظة والتقاط العديد من الصور التذكارية.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط