أي نوع من السياحة هي السياحة البيئية؟ نُقدم لكم السياحة البيئية في اليابان!

0

بشكل عام يعلم الجميع أن السياحة تهدف إلى تحقيق وإشباع الرغبات والحاجات المختلفة، وذلك من خلال عملية الانتقال من مكان الإقامة الدائمة إلى أماكن أخرى سواء كانت داخلية (داخل البلد نفسه) أو خارجية إلى دول أخرى، وتكون مدة الإقامة فيها تمتد لفترة زمنية معينة. 

 

ولكن هذا التعريف شامل حيث يوجد في السياحة أنواع عدة لابد من معرفتها، حتى تحددوا خططكم السياحية التي تلبي أهدافكم ورغباتكم. وفي هذه المقالة سأقدم لكم السياحة البيئية وما هي أهدافها وما تواجهه من مشاكل والتنبؤات إلى زيادة الطلب عليها بعد أزمة كورونا. 

 

ما هي السياحة البيئية؟

السياحة البيئية “إيكو تسوريزومو”: قد يختلف تعريف السياحة البيئية اختلافاً طفيفاً اعتماداً على المنطقة والموقع، ولكن بشكل عام فإن السياحة البيئية هي “مشاهدة المعالم السياحية في البيئة الطبيعية والعادات والثقافة وما إلى ذلك، والتي كانت متجذرة وموجودة منذ فترة طويلة في البلد أو المنطقة. وبمعنى آخر السياحة البيئية تهدف إلى السفر للتفكير في أهمية حماية البيئة والمعالم”.

 

وقد تم وضع السياحة البيئية لأول مرة من قبل عالم الأنثروبولوجيا الثقافية الأمريكية. وبعدها انتشرت في جميع أنحاء العالم منذ أواخر الثمانينيات وهي الآن مرادفة للسياحة المستدامة.

 

ولا يقتصر تطبيق السياحة البيئية على السياح المحليين فحسب بل يشمل أيضاً السياح الزائرين من الخارج، وبالطبع يتم اعتمادها ليس فقط في اليابان ولكن أيضاً في الخارج، ولكن ما هو المحتوى المحدد والتأثير الناتج عن تنفيذه في هذا النوع من السياحة؟ وما هو تاريخها؟ سنتعرف تالياً على الجواب

 

 

ولادة السياحة البيئية

منذ الستينيات بدأت البلدان النامية في النظر في طرق لتعريف السياح بالطبيعة الوفيرة مثل الغابات كوسيلة لتعزيز التنمية الاقتصادية مع تشجيع الناس على زيادة وعيهم بحماية البيئة. وفي نفس الوقت تقريباً، نتج عن صناعة السياحة في البلدان المتقدمة، التي دخلت فترة مستقرة بسبب إثراء حياة الناس، موارد سياحية جديدة تجذب اهتمام الأشخاص الذين استنفدت منهم تقريباً المواقع السياحية التي يرغبون بزيارتها.

 

كما تم اعتبار الدمار البيئي بسبب السياحة الجماعية مشكلة في ذلك الوقت، لذا تم إنشاء أنماط سياحة تؤكد على حماية البيئة تجذب الانتباه تدريجياً في جميع أنحاء العالم.

 

وبعد ذلك، في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية الذي عقد في عام 1972 بدأ الاعتراف العالمي بأن “المشاكل البيئية هي قضايا للبشرية جمعاء وتحتاج إلى معالجتها على الصعيد الدولي”، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي بدأ تنفيذها بشكل رئيسي في البلدان النامية.

 

* السياحة الجماعية: وهي ظاهرة انتشرت فيها السياحة التي كانت موجهة بالأساس للأثرياء، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية أصبحت شائعة.

 

وفي اليابان شهدت السياحة الجماعية تقدماً منذ انعقاد معرض أوساكا إكسبو في عام 1970.

 

 

تاريخ السياحة البيئية في اليابان

في اليابان بدأت السياحة البيئية بقيادة الشركات الخاصة في الانتشار حوالي عام 1990 مع التركيز على المواقع السياحية الغنية بالطبيعة مثل محافظة ياكوشيما. ومنذ أن أجرت وكالة البيئة في ذلك الوقت مسحاً للسياحة البيئية في عام 1991 زاد عدد المسموح به بشكل أكبر، وتم إنشاء منظمات خاصة واحدة تلو الأخرى لتعزيز السياحة البيئية.

 

 وقد تم إنشاء مجلس تعزيز السياحة البيئية في عام 1997 وهو حالياً جمعية السياحة البيئية اليابانية، وهي منظمة غير ربحية محددة. وأخذت وزارة البيئة زمام المبادرة في الترويج بنشاط للسياحة البيئية من 2003 إلى 2004. وتم سن “قانون تعزيز السياحة البيئية” في يونيو 2007 ودخل حيز التنفيذ في أبريل 2008.

 

فالغرض من تنفيذ قانون تعزيز السياحة البيئية هو أولاً الحفاظ على البيئة الطبيعية، ثم الترويج السياحي، والترويج الإقليمي، والتعليم البيئي. ولهذه الغاية وضعت الدولة الميزانيات المناسبة.

 

على سبيل المثال، المنطقة التي ترغب في الترويج للسياحة البيئية تنظم المنظمات والمجالس غير الهادفة للربح، وتقدم الحكومة الدعم من خلال تقديم شهادة للمختصين. بالإضافة إلى تخصيص موارد السياحة الطبيعية المراد حمايتها وتخصيصها للترميم.

 

ووضع عقوبات وقيود على الاستخدام، وهي أيضاً نقطة انطلاق لإدخال ضرائب السياحة مثل ضريبة الإقامة وضريبة الدخول وضريبة تأجير السيارات. ومع ذلك لا يمكن القول أن الميزانية وفيرة على الإطلاق، وبسبب  كل هذه الخصائص والإجراءات هناك اتجاه للتشتت الإقليمي، ولذلك فقد مضى وقت طويل منذ أن كانت جهود المساعدة الذاتية في كل منطقة مطلوبة.

 

 

ما نوع السياحة البيئية في اليابان

حتى إن قلنا السياحة البيئية باختصار، فهناك طرق مختلفة للتعامل معها اعتماداً على خصائص المنطقة. ولذلك سأقدم لكم مجموعة واسعة من السياحة البيئية في اليابان مقسمة تقريباً إلى ثلاثة أنواع.

 

 

  • نوع الأول “دعونا نشعر بالطبيعة البكر”

 

في مناطق مثل ياكوشيما في محافظة كاجوشيما وشبه جزيرة شيريتوكو في هوكايدو، وجبال شيراكامي في محافظة أوموري، يتم تنفيذ السياحة البيئية للاستمتاع الكامل بما يسمى “الطبيعة البكر”.

 

الميزة هي أن هناك العديد من الجولات حيث يمكنكم تجربة الطبيعة الجميلة والبدائية بأنفسكم، مثل ” الغابات البكر والحيوانات البرية المنقرضة” و “المشي على الجليد الطائف”.

 

 

  • النوع الثاني “دعونا نتعمق في طبيعة المواقع السياحية الشهيرة”

 

يتم تنفيذ هذه السياحة البيئية بهدف “إلقاء نظرة على مهل على طبيعة المناطق مثل جبل فوجي وساسيبو التي يزورها العديد من السياح”

حول جبل فوجي، كانت “جولة حول أوكيغاهارا جوكاي وحفر الخفافيش” و “جولة للتعرف على ثقافة وتاريخ كوجوكوشيما” شائعة لسنوات عديدة في ساسيبو.

 

 

  • النوع الثالث “دعونا نلمس الطبيعة والثقافة المألوفة”

 

في هذا النوع من السياحة البيئية يمكنكم تجربة “التعايش بين الطبيعة والناس”، وتعد منطقة “ساتوتشي ساتوياما” الواقعة بين الطبيعة والمدينة مناسبة لهذه التجربة.

حيث تنفذ مدينة هانو في محافظة سايتاما ومدينة كوساي في محافظة شيزوكا هذا النوع من السياحة البيئية، وتشمل الجولات المميزة التي تجريها هذه المناطق “تجربة العيش مع مياه الينابيع” و “تجربة حصاد الخضروات الشتوية”.

 

مشاكل وقضايا السياحة البيئية

يتم الترويج للسياحة البيئية في جميع أنحاء العالم، ولكنها لا تخلو من مشاكلها وقضاياها. وهنا سأقدم لكم مشكلتين مهمتان في السياحة البيئية.

 

 

  • من الصعب تحقيق التوازن بين حماية البيئة والترويج السياحي

 

الغرض الأصلي من السياحة البيئية هو “تحقيق التوازن بين حماية البيئة وتعزيز السياحة” ولكن يبدو أنه لا يزال من الصعب تحقيق التوازن الصحيح.

فإذا تم وضع قواعد سياحة صارمة للغاية أو تم تحديد عدد الأشخاص الذين يمكنهم المشاركة في الجولة، فقد يصبح هناك صعوبة في الترويج للسياحة.

 

وإذا أعطينا الأولوية للترويج السياحي، فسيكون من الضروري تمهيد الطريق بشكل أو بآخر للاستمتاع بالمواقع السياحية بأمان، ولكن هذا سيدمر الشكل الطبيعي والأصلي الموجود في المقام الأول، وهذا سيؤدي إلى اختفاء المعالم والمشهد البدائي لما حولها من مناطق، بمعنى أن هدف المحافظة على البيئة والمعالم قد فشل. 

 

يمكن القول أن مسألة “كيفية تحقيق التوازن بين هذين الأمرين بطريقة متوازنة” هي قضية طويلة الأمد في السياحة البيئية.

 

  • من الصعب تأمين مرشد سياحي بيئي

من أجل القيام بجولة بيئية، فأنتم بحاجة إلى مرشد لديه معرفة كافية بطبيعة وثقافة المنطقة، وفوق كل شيء لديه رغبة قوية في حماية طبيعة هذا المكان.

 

ومع ذلك من الصعب تأمين مثل هذا الدليل المثالي، وحتى لو كان موجود، فغالباً ما يكون شخص كبير في السن، ولذلك في السنوات الأخيرة، أصبح تأمين وتدريب المرشدين السياحيين الذين سيقودون الجيل القادم قضية مهمة في تعزيز السياحة البيئية.

 

 

هل السياحة البيئية هي التيار السائد في السياحة بعد كورونا؟

من المتوقع أن تتغير اتجاهات وأولويات الناس للسفر بشكل كبير في العالم بعد أن تهدئ أزمة كورونا. فمثلاً خلال أزمة كورونا في اليابان تم التركيز بشكل كبير على السياحة الداخلية،  ولكن حدث زيادة كبيرة في عدد السائحين المتجهين إلى نفس المكان، والتي غالباً ما تكون وجهاتهم السياحية الشهيرة كيوتو، وهذا سبب مشكلة في زيادة عدد الإصابات.

 

لذلك هناك مشاريع وأفكار على وشك التطبيق بعد هدوء أزمة كورونا تركز على التناوب بشكل تدريجي في السياحة، أي أنها تعمل على تنظيم عدد السائحين وتحمي البيئة الطبيعية.

 

أيضاً عندما تتحسن الأوضاع أكثر وتنشط السياحة، يبدو أن الكثير من الناس سوف تحاول تجنب المناطق المكتظة بالسكان لبعض الوقت واختيار وجهات السفر أقل اكتظاظاً، لذلك في المستقبل القريب من المتوقع أن يكون الطلب على السياحة البيئية للاستمتاع بالطبيعة والآثار كبير جداً

 

 

الخلاصة:

 في هذه المقالة تعرفنا على السياحة الطبيعية وما هي أهدافها ومصاعبها، فاليابان تعد من أكثر الدول اهتماماً في السياحة الطبيعية من أجل زيادة وعي الناس بأهمية وجمال الطبيعة والآثار، والحفاظ عليها. إذا كنتم من محبي الآثار والطبيعة فالسياحة البيئية هي أفضل اختيار بعيداً عن الأجواء المزدحمة والضوضاء.

وأتمنى أن تتمكنوا من زيارة اليابان للاستمتاع بطبيعتها الجميلة في أقرب وقت ممكن. وأشكركم على القراء حتى النهاية.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط