المقدمة
على الرغم من كل المآسي التي مرت بها مدينة هيروشيما لكنها مازالت تحمل جواهر خفية داخلها ومناطق اكثر إلهاماً من الدمار الذي حل بها , و لكونها منطقة لم تأخذ حقها في الحديث عن جمالها ووصف ما تخفيه من عظمة الطبيعة فيها
هذه المنطقة هي إحدى جواهرها .
منطقة ميتاكي
هي منطقة المعابد الموجودة بالقرب من وسط مدينة هيروشيما, يمكن الوصول إليها عن طريق ركوب قطار من محطة هيروشيما ” كابي لاين ” إلى محطة ميتاكي بوقت قصير يقدر بخمسة عشر دقيقة تقريباً , ثم يمكنك المشي عشرين دقيقة على الاكثر كي تصل إليها .والوقت المناسب لزيارتها من الصباح حتى الساعة الخامسة والنصف مساءاً
ميتاكي :هي كلمة يابانية تعني ” جبل من ثلاثة شلالات ” وهي تتجسد بشلالات ذات مياه نقية وعذبة جدا , يمكنك الشرب و التغسيل منها عند زيارتها إذا أردت ومن شدة نقائها أيضاً يتم استخدام هذا الماء في طقوس حفل التأبين في حديقة السلام الذي يعقد في السادس من أغسطس من كل سنة لضحايا القنبلة الذرية حيث يعتقد اليابانيون أن هؤلاء الضحايا كانوا يحتاجون لبعض الماء ليعيد إليهم الحياة .
في 1945 السادس من أغسطس المعروف باليوم المشئوم , كان بعض الناس يهربون من أماكن القنبلة الذرية ليحصلوا على بعض الماء في منطقة ميتاكي لكي ينجوا بأنفسهم فكانوا يلجأون إليها لربما تروي عطشهم , ثم بعد ذلك تم تعيينها كمنطقة لرعاية المصابين, حيث كانت تعتبر منطقة آمنة لأنها لم تتأثر كثيراً بالدمار الذي حل بالمدينة في ذلك اليوم . ومن أجل ذلك , الكثير من المصابين كانوا قد ماتوا بعد وصولهم لهذه المنطقة ولم يكن بإمكان أحد التعرف على هذه الجثث التي كانت قد حرقت , هناك يمكنك أن ترى تذكارا كتب عليه بعض القصائد التقليدية من الأدب الياباني تخليداً لأرواحهم .
المعابد
يعود تاريخ معبد” شينغون بودست ” إلى قرار الراهب ( كوكاي )، مؤسس طائفة شينغون في جبل كويا ، أن يؤسس معبدًا في عام 809 م، معلناً أن الموقع مقدس جداً وأن روح “بوديساتفا ” قد أظهرت نفسها . حيث تم إدراج هذا المعبد على أنه الثالث عشر من أصل 33 مكانًا للعبادة مخصصًا لكانون في منطقة تشوغوكو وواحدًا من أهم الأماكن في المحافظة.
المعبد يقع في وادٍ شديد الانحدار مليء بالغابات على جانب جبل ميتاكي .
ربما يكون أكثر شهرة بالنسبة لمعبد( تاهوتو) المكون من طابقين , والذي يقال أنه يعود إلى فترة ” موروماتشي ” (1392 -1573) والذي تم نقله من ضريح في محافظة واكاياما في عام 1951 , حيث تبرع للمساعدة في تهدئة أرواح الذين فقدوا بعد القنبلة الذرية التي كانت سنة 1945 .
يعد مسار المشي لمسافات طويلة فوق الجبل مسارًا شهيرًا ويمكن الوصول إليه على مدار السنة. يبدأ المسار من داخل بوابة المعبد مباشرة وبعد اجتياز معبد تاهيتو مباشرةً. إنه ارتفاع حاد إلى حد ما بحوالي 1100 متر إلى القمة التي يبلغ ارتفاعها 356 مترًا ، لكن المناظرالتي ستشاهدها تستحق ذلك . يأخذك الممر إلى اليسار (مع إطلالة على المدينة خلفك) على طول التلال ويسقطك في الطرف العلوي من مجمع المعبد بعد نزول ساحر عبر غابة الخيزران الجميلة .
في تلك المنطقة أيضاً يمكنك أن ترى جمال اشكال الورود المرتبطة بالبوذية التي يعتقد اليابانيون أنها من أزهار الجنة وبينما تشق طريقك لاستكشاف جمال المعبد ، صعودًا على الدرجات الحجرية المغطاة بالطحالب ، تمر بمئات من الصور البوذية وتماثيل الجيزو في قبعاتهم ومرايلهم الحمراء الزاهية ، ولكل منها مظهرها وتعبيرها الفريد. ، إن هذا المكان أخضر جدًا ، وكلما اقتربت من المناطق البعيدة ، أصبحت الأشجار أكثر روعة. المكان يبدو ساحرًا في كل الفصول خاصة في الربيع والخريف .
تندمج الهندسة المعمارية والطبيعة في تركيبة خالدة , الخريف هو بلا شك أفضل وقت للسير في الممرات الحجرية مع ظلال قرمزية من أوراق شجر القيقب, التي تتميز بمناظرها الساحرة ستجد أجمل رحلة استكشافية ,حيث يصعب تمييز يد الطبيعة عن يد الإنسان و يبدو أن التماثيل المغطاة بالكروم تتجذر في الأرض المقدسة بينما تصطف الألواح المحفورة بالقصائد والدمى الإلهية على سطح الصخور .
وإذا قمت بزيارة هذه المنطقة في بداية فصل الربيع مع تفتح أزهار الكرز ,ستتمكن من الاستمتاع بالمشي عند مدخل المعبد والشارع المؤدي إليه المليء باشجار الكرز الرائعة . انها من اكثر المناطق التي تبعث سلاما في النفس , كأن السير فيها علاجاً للمتعبين من الحروب الداخلية مع انفسهم ,يمكنك أن تستشعر كيف كان شعور هؤلاء الذين تركوا أرواحهم لترتاح هناك للأبد . ستصادف هناك العديد من النصب التذكارية لهم بالإضافة إلى عدد لا يحصى من تماثيل جيزو الحجرية .
جيزو : هو حامي النساء والأطفال والمسافرين . وغالباً ما ترى تماثيله التي تستحق منك الوقوف طويلاً لتأمل ملامحها و العديد من هذه التماثيل مغطاة بالطحالب مما يضيف إلى جمالية المعبد سحرا اكبر .
بعد ان تستمتع في المشي قليلاً ستكون بحاجة لكوب من الشاي وبعض الحلوى اليابانية, على الجهة اليسرى ستجد مقهى صغير ريفي المظهر يطل على شلال بمنظر يخطف الابصار حيث لا يمكنك أن تنفك عن النظر من النافذة من داخله لتستمتع بجمال الطبيعة ,حتى يمكنك أن ترى الأسماك الملونة وبينما تتناول الشاي الياباني و الطعام الياباني التقليدي البسيط اللذيذ جدا الذي يعدونه في ذلك المكان .
المقهى من الداخل يشبه المقاهي التي يتم عرضها في أفلام الأنمي اليابانية كاستوديو غيبيلي مثلا , حتى المناظر جميعها تجعلك تعتقد أنك في إحدى تلك الأفلام من شدة جمالها وكأنها رسمت على يد فنان بارع .
الملخص
المعابد في ميتاكي هي ليست فقط أماكن للصلاة بالنسبة لليابانيين , بل يتم زيارتها للسياحة كونها تعد من أجمل المناطق في هيروشيما و التي لا يمكنك أن تنسى تفاصيلها عند زيارتها بأجواءها التاريخية العريقة .
يقع المعبد على منحدر جبل خارج هيروشيما. يمكنك الوصول إلى هناك خلال 20 – 50 دقيقة حسب موقع فندقك.
يمتد الطريق المؤدي إلى المبنى الرئيسي عبر غابة جميلة ويحيط به قطع فنية لا تنتهي. تمتلئ الغابة حرفيا بالمنحوتات القديمة الجميلة. يحتوي المعبد الرئيسي نفسه على بعض المنحوتات الخشبية القوية حقا ، وبعض من أفضل ما ستجده في أي مكان
إذا كنت تحب الطبيعة وتريد التمتع بالوقت – فاتبع الطريق صعودًا من المعبد الرئيسي للوصول إلى قمة الجبل لكن الشيء الجذاب الرئيسي هو مجرد المشي عبر الغابة , اترك 3 إلى 4 ساعات على الأقل ، لأنك ستقضي يومك هناك ولن ترغب في المغادرة , هي بالفعل جوهرة خفية ، ومزيج جميل بشكل لا يصدق من الفن والطبيعة .
أنصحكم بارتداء أحذية مريحة لكونه جبلاً منحدراً قليلاً و للاستمتاع بأكبر قدر ممكن من المشي في أحضان الطبيعة الخلابة في هذه المنطقة . كونوا على استعداد لمشاهدة قطعة فنية من اللوحات اليابانية المرسومة بدون إطارات .
يمكنك أن تحضر معك وجبة خفيفة وزجاجة ماء . ولا تنسوا أيضا أن تأخذوا صوراً كثيرة كذكرى مميزة ومشاركتها مع أصدقائكم , ستقعون في حب هذه المنطقة وستثير فضولكم لزيارتها مجددا لمعرفة كيف ستكون خلال فصول السنة جميعها !!