ما هي طريقة تفكير اليابانيين في العمل؟ نُقدم لكم شرح عن الاختلافات وطرق التفكير بين مجتمع العمل الياباني والأجنبي!

1

لقد ازداد عدد العمال الأجانب في اليابان في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ. ويتوقع أن يزداد العدد بشكل أكبر في السنوات التالية عندما تزيل اليابان قيود السفر بسبب أزمة كورونا. ولكن هناك بعض من الناس لا تحظى بتجربة عمل وحياة جيدة عند مجيئهم إلى اليابان، وذلك بسبب عدم اطلاعهم على ثقافة اليابان سواء في العمل أو في الحياة العادية. 

 

فالحياة وثقافة العمل تختلف من دولة لأخرى فقد يقع الشخص في الخطأ أو قد يحدث مشكلة بسبب سوء تفاهم أو بسبب عدم تقبل ثقافة البلد الذي واجهها بشكل مفاجئ. ولذلك قبل المجيء إلى اليابان هناك أمور كثيرة يجب الاطلاع عليها ودراستها.

 

وفي هذه المقالة، سأشرح لكم أوجه الاختلاف بين ثقافة العمل في اليابان والدول الأجنبية، وسأقدم لكم أيضاً طريقة تفكير اليابانيين في العمل بشكل عام. لنبدأ جولتنا في عالم العمل الياباني!

 

هل أساليب العمل وطرق التفكير بين الأجانب واليابانيين مختلفة جداً؟

إن ثقافة العمل وطريقة التفكير تختلف باختلاف الدولة والشعب، ولكن قد نجد أوجه تشابه في الدول الآسيوية مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية، ومع ذلك نجد اختلاف كبير وواضح بين ثقافة العمل في اليابان والدول العربية والأوروبية.

 

فمثلاً نجد أن ثقافة العمل بين العاملين في الكثير من الدول العربية والغربية أنها “تقريباً متساوية” مقارنةً بالمجتمع الياباني. حيث يوجد في العديد من الشركات اليابانية فرق في طريقة التحدث واستعمال ألفاظ الاحترام الرسمية مع الشخص حسب المنصب مثل الكاتب والموظف والمسؤول والرئيس. ويوجد أيضاً مبدأ “الزبائن في المرتبة الأولى” في اليابان.

 

فعند الذهاب إلى مطعم أو مقهى من المهم أن يتواصل الموظف ليس فقط مع الزبائن، ولكن أيضاً مع الموظفين الآخرين، فلا بأس بالتحدث قليلاً والضحك معاً أثناء العمل. لذلك يبدو أن أجواء المطاعم الغربية والعربية حيوية أكثر ومليئة بالضحك مقارنة مع بعض وليس كل المطاعم اليابانية، حيث يركز الجميع في العمل. 

 

 

ومع ذلك يبدو أنه في الدول الغربية والعربية قد يتحدث الموظفون في كثير من الأحيان مع بعضهم البعض كثيراً ويتركون الزبون دون اهتمام ومراقبة، وهناك أيضاً أوقات يقوم فيها الموظفون بعملهم ويخدمون الزبائن بينما يمسكون في اليد الأخرى الهاتف. وهذه التصرفات بالنسبة لهم لا تعني أنهم يهملون العمل إذ يعتقدون أنه لا يوجد مشكلة طالما أنهم يقومون بالعمل المطلوب.

 

ولكن في اليابان يوجد ثقافة “خدمة أفضل للزبون”، “الزبون في المرتبة الأولى” ولذلك إذا تحدث الشخص للتسلية أثناء العمل وقام باللعب بالهاتف، فسيتم اعتباره عديم الضمير وأنه شخص مهمل، وسيتخطاه الزبون.

 

 

ولكن في كل مكان يعتقد الأجانب أن “اليابانيين جادين” في العمل، وهذا الحكم بناءً على تجاربهم وعلى ما يسمعون ويرون. في الواقع لا أنكر ذلك، فاحترام العمل والعمل بجهد شيء نراه في معظم الشركات وأماكن العمل اليابانية.

 

وأيضاً أصبحت ثقافة العمل لساعات إضافية في اليابان شيء طبيعي، فقد يعمل الموظف زيادة ساعتين أو ثلاثة أو أكثر. وإذا انتهى الموظف من العمل، وكان الرؤساء والموظفين الأكبر يعملون لساعات إضافية، فمن الأدب أن يسأل الموظف “هل هناك شيء يمكنني مساعدتك به؟” قبل المغادرة، حيث يُعتبر العودة للمنزل وترك العمل الإضافي والمسؤولين يعملون تصرف غير أخلاقي.

 

وعلى العكس، في الدول الأجنبية لا يوجد ثقافة العمل لساعات إضافية وبشكل متكرر، وإذا طُلب من الموظف العمل لساعات إضافية فإنه سيتم دفع المزيد من المال له. يمكن تجميع ثقافة ساعات العمل في الدول الأجنبية على النحو التالي:

 

  •  يتم العمل فقط للوقت المتعاقد عليه
  • في حالة العمل لساعات إضافية، يتم دفع مبلغ من المال متفق عليه أو يتم رفع الراتب
  • يمكن العودة إلى المنزل حتى وإن لم ينتهي الشركاء والرئيس من العمل
  • لا يوجد ضرورة للسؤال عما إذا كان لا بأس المغادرة أولاً

الاختلافات في ساعات العمل اليابانية في نقاط سهلة أيضاً:

  • العمل للوقت المتعاقد عليه غير ثابت في كثير من الأحيان
  • ساعات العمل الإضافية ظاهرة طبيعية، ولا يوجد مبلغ مالي مقابلها في كثير من الأحيان
  • المغادرة وترك الرئيس والكبار يعملون تصرف غير محبب، يجب السؤال للمساعدة قبل المغادرة.
  • يجب الاستئذان قبل المغادرة ومن المحبب شكر الجميع على عملهم 

 

 

وبالنسبة لثقافة أنواع العمل في اليابان، تُعتبر الرعاية التمريضية، والعمل في مجال المطاعم والمقاهي، وصالونات الحلاقة والتجميل والخ، جميعها أعمال بأجور منخفضة وتميل إلى أن يكون لها مكانة اجتماعية منخفضة. ولكن في دول أجنبية أخرى مثل أستراليا يمكن حتى لموظف طهي واحد الحصول على أجر من فئة المدير الياباني، وإذا حصل الشخص على مسمى وظيفي، فيمكنه العيش حياة أفضل بكثير.

 

بالمناسبة، في أستراليا يتم إصدار “تأشيرات العمل” لوظائف الطهي لذلك يسارع اليابانيون والكوريون والتايوانيون وغيرهم للانتقال إلى أستراليا. على عكس اليابان نجد أن قوانين طلب العمل فيها بالنسبة للأجنبي صعبة بعض الشيء خاصةً وجود حاجز اللغة لمن لا يدرس اللغة اليابانية. حيث تعتمد معظم الشركات اليابانية العمل باللغة اليابانية فقط.

 

 

الاختلافات بين المجتمع الياباني والأجنبي في العمل

بناءً على تجارب الأجانب عرب وغرب في اليابان وبناءً على تجارب اليابانيين في العمل خارج اليابان. سأقدم لكم خمس نقاط رئيسية يختلف فيها مجتمع العمل الياباني عن الأجنبي.

 

 

الفرق الأول: هناك الكثير من العمل الإضافي

هناك شركات كثيرة تدرج العمل الإضافي بلا مقابل أو بزيادة بسيطة في الراتب، ولكن هناك شركات تُدعى “بالشركات السوداء” تجعل أجر العمل الإضافي من ضمن الراتب، وفي أسوأ الأحوال قد لا تدفع مقابل العمل الإضافي وتزيد من ضغط العمل على الموظف في الساعات الإضافية.

 

يمكن تركيب هذه الثقافة في العبارة التالية:

اليابان: العمل الإضافي = موظفون يعملون بجد

الدول الأجنبية: العمل الإضافي = موظفون لا ينهون عملهم

 

ومع ذلك لقد ظهرت مشاريع كثيرة لتعزيز إصلاحات أسلوب ونظام العمل في اليابان، وقد ظهر فعلاً تغيير لتصبح ثقافة العمل أكثر ليونة ومازالت تتغير شيئاً فشيئاً. ومع ذلك يبدو أنه هناك الكثير من الأعمال والشركات حيث يعمل الموظفون لساعات طويلة. فاليابان تعاني من نقص حاد في الأيدي العمالة وتوظيف الأجانب فيها ليس بتلك السهولة.

 

في الواقع إنه لأمر محزن رؤية الشباب المبدعين يعملون في ربيع عمرهم لساعات طويلة دون أجر مرتفع، وبلا وقت كافٍ لحياتهم الخاصة. وعلى الرغم من وجود حالات محزنة مثل الموت من شدة الإرهاق، وحالات الانتحار. فمازال هناك شركات سوداء تتبع نظام الضغط والعمل الإضافي.

 

 

الفرق الثاني: إجازات أقل “العمل يومي السبت والأحد”

في اليابان تعمل معظم أعمال الخدمات مثل السوبرماركت وبعض المتاجر والمطاعم والمخابز وغيرها “يومي السبت والأحد”، وبهذا فإن الموظفين يعملون طوال الوقت. ومع ذلك إن قارنها مع دول أجنبية فمن الطبيعي أن تغلق محلات السوبرماركت أيام الأحد، وحتى في منتصف موسم العطلة الصيفية تُغلق بعض المتاجر أبوابها.

 

ولكن بالتأكيد هناك بعض المتاجر وأماكن الخدمات تفتح في أيام العطل في الدول الأجنبية، ومع ذلك يُطلب قانونياً مضاعفة أجر الساعة للموظفين عند فتح المتجر في يوم العطلة. وعلى العكس يوجد في اليابان العديد من المتاجر التي تفتح أبوابها على مدار 24 ساعة في اليوم، ولكن يجب أن نلاحظ أن القانون في اليابان يشترط أن يتم تدفع أجراً بالساعة بنسبة 25% زيادة كأجر في منتصف الليل من الساعة 10:00 مساءً حتى 5:00 فجراً. وفي حالة العمل في الإجازة القانونية يتم إضافة الزيادة في الراتب.

 

 

الفرق الثالث: لا يمكن أخذ إجازات مدفوعة الأجر

في اليابان هناك العديد من الشركات السوداء وغيرها التي لا يستطيع الشخص الحصول على أموال إضافية منها. وحتى إن تلقى الشخص أجراً في إجازته الطويلة فقد يشعر بالقلق من أفكار قد تأتي في ذهنه مثل “هل سيكرهني الآخرون لبعدي عن العمل؟” أو “ربما سينخفض ​​تقييمي!”.

 

ومع ذلك في الدول الأجنبية يأخذ المديرين والرؤساء زمام المبادرة في استعمال ثقافة “إجازة طويلة مدفوعة الأجر”، وبهذا يستطيع الموظف الاستراحة دون القلق بشأن الآخرين لأن المدراء شجعوا عليها وهي ثقافة منتشرة عندهم.

 

وأيضاً في اليابان هناك الكثير من الشركات التي تقدم عطلة صيفية لبضعة أيام فقط، وعلى العكس عطلة لعدة أشهر في الدول الأجنبية أمر شائع ومشهور.

 

ولكن في المقابل، هناك العديد من الإجازات والعطلات الرسمية في اليابان خلال السنة، مثل عطلة “الأسبوع الذهبي”، ومناسبة “أوبون”، وعطلات رأس السنة التي تمتد لأسبوع تقريباً، ويوم البحر والخ. ومع ذلك أعتقد أن العطلة الطويلة لشهر أو أكثر لها تأثير إيجابي على الموظفين كتحسين كفاءة العمل والإبداع والتحمس والخ وهذا ما تتبعه الدول الأجنبية والعربية.

 

 

الفرق الرابع: عادة قول الرأي متواضعة للغاية

كثير من اليابانيين متواضعين في ادعاءاتهم ولا يدلون بآرائهم. فإن طُلب منهم قول رأيهم، فعادةً سيقولون أنهم موافقون دون مجادلة، أو قد يعبرون عن رأيهم بطريقة متواضعة للغاية وبدون إصرار. حيث يوجد في اليابان العديد من الرؤساء الكبار والشركات التي لا تتقبل الاقتراحات والنصائح التي توجه لهم بشكل مباشر من الموظفين الشباب.

 

لذلك بعض الموظفين لا يجرؤون على قول رأيهم الصريح مباشرةً وإنما يوافقون على كل شيء. وعلى العكس نجد في الدول الأجنبية أن الرئيس يستمع إلى آراء الموظفين والمشرفين ويقوم بإجراء التحسينات، لذلك تكون الأجواء لينة أكثر ويستطيع الموظف الإدلاء برأيه بسهولة وبدون قلق.

 

ولكن في الآونة الأخيرة في اليابان نجد الكثير من الشركات وأماكن العمل التي تتمتع بأجواء عمل لينة، ويكون فيها المدير والرؤساء والموظفين قريبين من بعضهم ويدلون بآرائهم بدون قلق.

 

 

الفرق الخامس: حفلات الشرب كثيرة وشائعة

الشركات اليابانية لديها ثقافة تقدير حفلات الشرب وتناول العشاء أو الغداء. وهذه الظاهرة شائعة لأنه لا يستطيع اليابانيون التواصل مع زملائهم بشكل جيد خلال ساعات العمل، ولذلك من الطبيعي أن يذهب الزملاء في العمل في مجموعات ليتناولوا الطعام وليشربوا معاً في المطاعم.

 

ومن أكثر الأوقات شيوعاً لإقامة حفل شرب، هي حفلات الترحيب والوداع، وحفلات نهاية العام ورأس السنة الجديدة، واحتفال الأقسام في إنجاز أو النجاح في مشروع أو خطة ما. وهناك أيضاً أوقات يذهب فيها الزملاء معاً لتناول الطعام للاستراحة والتحدث معاً في أمور الشركة أو في قصص أخرى خارج العمل بمعنى “توطيد العلاقات”، فهذا له دور في زيادة التفاهم وروح التعاون بين الزملاء أيضاً.

 

ولكن في الدول الأجنبية لا يوجد ثقافة “حفلات الشرب والغداء” مع زملاء العمل كالتي في اليابان، حيث يفصل الكثير من الناس عملهم عن حياتهم الخاصة، ومن الشائع أن يعودوا إلى منازلهم بمجرد انتهاء عملهم لقضاء وقتهم الخاص أو مع أسرهم.

 

وأيضاً من الشائع تعميق العلاقات والآراء في العمل بين الموظفين خلال ساعات العمل نفسه في الدول الأجنبية والعربية، كاجتماعات الغداء عند الظهر. بالتأكيد هناك حفلات للشرب في الدول الغربية، ولكن في معظم الأوقات يكون الشرب في المكتب أو حفل صغير جداً في قسم العمل.

 

 

الخلاصة:

في هذه المقالة تعرفنا على فروق عديدة وواضحة في بيئة العمل في اليابان والدول الأجنبية وحتى العربية، ومع ذلك نحن لا نعمم هذه الفروق على جميع أماكن العمل والشركات اليابانية. فغالباً الشركات السوداء التي لا تراعي صحة ونفسية الموظفين هي التي يمكن أن نجد فيها هذه الفروق بشكل واضح للغاية. 

ومع ذلك يجب أن يكون الجميع على معرفة بهذه الفروق، فبشكل عام العمل في اليابان ليس سهلاً ومرفهاً كما يعتقد البعض، وإنما يتطلب بذل الكثير من الجهد وملاحظة التفاصيل والالتزام بالقوانين جيداً. وفي النهاية نوع وأسلوب العمل يعتمد على المكان الذي ستعملون فيه في اليابان. وأشكركم على القراءة.

تعليق 1
  1. أحمد يقول

    ما هو الحد الادنى للاجر في 🇯🇵اليابان

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط