هل اليابان بلد الفخار؟ ! نقدم لكم ثلاثة من أشهر أنواع الفخار في اليابان!

0

يعد الفخار من أقدم أشكال الحرف والفن الياباني، الذي يتميز بالملمس الترابي للطين ذو الألوان الفاتحة والملمس الناعم المصنوع يدويًا. ويعود صنع الفخار إلى فترة جومون المبكرة من 10000 إلى 300 قبل الميلاد. وهذا ما ميز اليابان عن العالم في كونها أقدم دولة تتميز في صنع الفخار والإبداع في منتجاته مثل الخزف. ففي تلك الفترة تم إنشاء الأفران الفخارية والأواني الفخارية والفخار المزجج والخزف والأواني البيضاء.

 

وقد أبدعت اليابان في إنتاج تحف خزفية انتشرت على نطاق واسع، وكما قد تأثرت بالخزف الصيني فعملت على تحويله وصياغته بلمسة يابانية تقليدية. ومع تطور ثقافة الشاي الفريدة في عصر أزوتشي موموياما أبدعت اليابان في طرق صناعة الفخار والخزف لتتناسب مع مراسم الشاي. وقد جذبت اهتمام السكان وحظيت بشهرة كبيرة في جميع أنحاء اليابان والعالم.

 

وبهذا التاريخ كان هناك أعمال فخارية خزفية مميزة تُعرف بأنها “الخزفيات الثلاثة الرئيسية في اليابان” وقد كان لها تأثير كبير في ثقافة صنع الخزف وتجارته. وفي هذه المقالة سأقدم لكم هذه الأعمال الخزفية الشهيرة ذات التاريخ العريق.

 

سيتو ياكي

هذا النوع من الخزف يصنع في مدينة سيتو بمحافظة أيتشي، والتي يوجد بها واحد من الأفران اليابانية الستة القديمة. ويعد خزف سيتو ياكي من الحرف التقليدية المصنوعة باستعمال طرق التصنيع التقليدية والمواد الطبيعية التي تم تداولها منذ فترة هييان (794-1185 م). حيث ازدهرت مدينة سيتو في تلك الفترة إلى جانب صناعاتها الفخارية والخزفية العديدة، بتزجيج الخزف باللون الأخضر باستعمال الرصاص وهي طريقة بسيطة انتقلت من الصين إلى اليابان. هذا إلى جانب ابتكار اليابان لطرق عديدة في تشكيل وصنع الخزف، صاغتها بالطريقة اليابانية الأصيلة.

 

ويُقال أن في فتر كاماكورا (1185-1333 م) قد احتفظ الفخار الغير مزجج بشعبيته وكان يتم صناعته في الأفران الكبيرة الستة. ثم انتشرت هذه الأواني والأدوات الفخارية والخزفية من مدينة سيتو على نطاق واسع في اليابان. ونظراً لكون مدينة سيتو أكبر منتج للخزف والفخار في ذلك الوقت، أصبح يشار إلى الأدوات الخزفية بشكل عام باسم “سيتو مونو” أي أدوات سيتو الخزفية والفخارية.

 

وقد كان يتم استعمال مادة كيميائية مميزة تُسمى “يوياكو” حيث كان يتم وضعها على سطح الفخار عندما يتم تعريضه للحرارة. ولهذه المادة ملمس ناعم زجاجي يغطي الفخار، وكان لها لون أخضر فاتح تميزت به أدوات سيتو.

 

 

أما إذا أردتم التعرف أكثر على تاريخ صناعة الفخار ومنتجاته الخزفية وغيرها في مدينة سيتو، أوصي بزيارة المدينة، والتوجه إلى متحف سيتوغورا حيث يوجد فيه العديد من الأعمال التاريخية والأثرية النادرة والمصنوعة من الخزف والفخار. والتي تظهر لكم تاريخ الصناعات في مدينة سيتو بالتتبع منذ العصور القديمة حتى يومنا هذا.

 

كما يوجد في المدينة سوق للفخار والخزف يُعرف باسم “مهرجان سيتومونو”، وهو مهرجان تاريخي مستمر منذ عام 1952 م. ويُعقد في سبتمبر من كل عام، ويباع فيه الكثير من أدوات سيتو الفخارية والخزفية ذات الطابع التقليدي والمميزة بتصاميمها الفريدة. وهي مناسبة للاستعمال اليومي وتباع بأسعار مناسبة.

 

أطباق يابانية مسطحة

 

مينو ياكي

وهي عبارة عن أدوات خزفية تم صنعها في جزء من منطقة تونو بمحافظة غيفو، وقد تم تحديدها كحرفة تقليدية في عام  1978م. وتعرف منطقة تونو بأنها أكبر منطقة في صنع الخزف في اليابان. أما مدينة توكي اشتهرت بكونها أكبر منتج للأدوات الفخارية والخزفية. ويقال أن أدوات “سوياكي” الفخارية التي كانت تصنع في فترة هيان، هي النموذج الأول لهذه المنتجات. وقد تطورت فيما بعد في إنتاج خزف وفخار متعدد الأشكال والزينة بعد فترة كاماكورا.

 

وقد تم بناء فرن حول مدينة توكي في أوائل القرن السادس عشر، وتم تطويره وتحسينه في نفس الوقت الذي كان يبنى فيه فرن كبير في منطقة مينو في إطار السياسة الاقتصادية التابعة للأمير المحارب أودا نوبوناغا.

 

وخلال فترة موموياما، صُنع خزف مينو موموياما وتم وضع أساسيات صنع أدوات مينو الخزفية. ويُقال تلك الفترة التي نشأت فيها أدوات مينو الخزفية استمرت حتى يومنا هذا.

 

 

بينما يبلغ حجم إنتاج الخزف المحلي في محافظة غيفو أكثر من 50٪ ويحتل المرتبة الأولى. وقد كان ومازال يُستعمل بكثرة. ولكن على عكس أنواع الخزف الأخرى، يمتاز مينو ياكي بنمط متغير. فهو ليس له نمط محدد وأشكال محددة. ولهذا السبب تم تسمية جميع أنواع الخزف المصنوع في محافظة غيفو باسم “مينو ياكي”.

 

وتُصنع معظم أدوات مينو باستعمال تقنيات متعددة، مثل عجلة الفخار واللف اليدوي والختم. وبعد التشكيل يتم نقش النموذج أو رسمه للتزيين أو نحت نمط معين. ثم يتم استعمال مواد طلاء يوشينو وطلاء يوكيسيتو وغيرهم لإجراء التزجيج. وأخيراً يتم تعريضها للنار.

 

 

ويوجد أكثر من 15 نوع من خزف مينو التي تم تصنيفها كحرف تقليدية وأبرزها الأدوات ذات الألوان الفاتحة والملمس الناعم للقاعدة.

 

كما يقام في فصل الربيع من كل عام في سوق مينو للخزف مهرجان تاجيمي للخزف. حيث يزدحم المكان بالناس الذين يذهبون للاحتفال والتعرف على أنواع الخزف وتصاميمه المنوعة ولشراء ما يعجبهم من منتجات. وتُعد أدوات مينو ياكي باهظة الثمن، حيث يمكن شرائها بحوالي 1000 ين أو أكثر، ومع ذلك يحب اليابانيون شرائها والاستمتاع بالتصاميم التقليدية وبروح اليابان العريقة.

 

 

أريتا ياكي

أريتا ياكي وهو مصطلح واسع للخزف الياباني المصنوع في المنطقة المحيطة ببلدة أريتا، في مقاطعة هيزن السابقة شمال غرب جزيرة كيوشو. حيث يقال أنه في نهاية القرن السادس عشر تم اكتشاف صلصال البورسلين بالقرب من بلدة أريتا. فتم افتتاح عدد من الأفران في تلك المنطقة وازداد التنوع وتعددت طرق صناعة الخزف.

 

ونتيجة لذلك انقسمت صناعة الخزف إلى اتجاهين في اليابان. ومنها صناعة بسيطة بعيدة عن التعقيد، حيث سعى صُناع الخزف في تلك الفترة إلى البساطة، فقد كان مبدأهم يعرف باسم “وابي سابي” أي أن الجمال يكمن في عدم الكمال وقبول النقص والعيوب. أما الاتجاه الآخر فهو العكس، حيث كان الصناع يركزون على إنتاج أدوات مثالية متقنة باستعمال أجود انواع البورسلين.

 

 

وقد كان هناك خزاف مشهور في أريتا اسمه “ساكايدا كاكييمون”، وقد اعتمد كاكييمون على تركيبة مميزة ركزت على استعمال المساحة البيضاء في الأدوات الخزفية مثل الصقل بالتزجيج (وضع المينا على السطح المزجج). فكانت أعماله تتميز بالسطح الناعم والأملس.

 

كما يُقال إن كاكييمون قد أدخل تقنية الرسم الأحمر في عمله لأول مرة في اليابان. مما منحها جمالها الخاص والذي أعجب العديد بسحره الذي لا يمكن إيجاده في أدوات أخرى. وعرفت تقنياته باسم “كاكييمون” وقد حظت بشهرة كبيرة حتى يومنا هذا فهي أشبه بالخزف النادر.

 

كما تم تصدير العديد من المنتجات الخزفية في ذلك الوقت للدول الأوروبية عن طريق ميناء إيماري، ولذلك عرفت اسم هذه الأدوات في أوروبا باسم إيماري ياكي.

 

وتحظى هذه الأدوات الخزفية بجمال مميز يكمن في نعومة ملمسها ورقتها وخفتها، ومع ذلك فهي متينة للغاية. وقد أبدع الصُناع في تزيينها وتشكيلها وكأنها لوحة فنية. فحظيت باهتمام كبير إلى يومنا هذا في جميع أنحاء العالم كخزف للاستعمال اليومي.

 

ومن أشهر التصاميم الأخرى التي اشتهرت بها أريتا هي الأدوات الخزفية المزججة التي تجمع بين اللون الأبيض والأزرق. هذا إلى جانب التصاميم الحديثة المعتمدة على الأساليب الصينية في استعمال الألوان الزاهية المشرقة والتصميمات المعقدة التي تعتمد على التفاصيل الصغيرة.

 

 

وفي فصل الربيع من كل عام يُقام في أريتا سوق أريتا للخزف التقليدي والمعاصر. وهو واحد من أكبر أسواق الخزف في اليابان الذي يجذب 1.2 مليون شخص من جميع أنحاء البلد.

 

ملخص

كما شاهدتم كان للفخار ومنتجاته مثل الخزف اهتمام كبير وشعبية واسعة في اليابان. فقد اهتموا بالإبداع في صنعه وفي إضفاء اللمسة اليابانية التقليدية. ولكن في فترة ميجي انتقلت لليابان الصناعات الغربية وغزت الأسواق اليابانية، فأقبل عليها اليابانيون كمنتجات وأدوات جديدة جذبت انتباههم، فأصبح استهلاك الأدوات الفخارية قليل.

 

ومع ذلك ظهرت في اليابان حملات ومبادرات في زيادة صناعة الأدوات الفخارية والتفنن في تشكيلها وتزيينها حتى تجذب الانتباه، وبالفعل لاقت هذه المبادرات نجاح كبير. ومنها حركة مينجي للمبدع ياناغاي سويتسو الذي حرص على مواصلة هذا الإرث الوطني في أوائل القرن الماضي. وحرص على ترميم المنتجات الخزفية المنزلية والحفاظ عليها في الوقت الذي كان فيه الشعب مشغول بالأدوات الغربية.

 

فأنشأ متحف للحرف الشعبية الياباني عام 1936 م والذي لاقى اهتماماً كبيراً من قبل عامة الشعب. حيث رجع اليابانيون منذ ذلك الوقت لحتى يومنا هذا يبحثون عن الأدوات التقليدية التي تتميز بسحرها وتصاميمها الفريدة عن الأدوات الغربية المألوفة، وكما تستقبل مشاغل الفخار والخزف الزوار لتعريفهم بطرق صناعته وعن تاريخه العريق. وبالتأكيد يمكنكم شراء الأدوات الفخارية والخزفية من هذه المشاغل أو من المتاجر المتخصصة.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط