كيف نحتفل في الأعياد في اليابان ؟ أقدم مثالي ليوم العيد

2

العيد دائماً فرحة بعاداته و مظاهره وأكلاته حتى شروق الشمس فيه يكون مختلفاً عن الأيام الأخرى ,ولكن عندما تنتقل إلى بلد جديد يساورك ذلك الشعور بالفضول كيف سيكون العيد بغير عائلة او رفاق  ؟ هل يا ترى سنجد الفرح في عيون الآخرين كما كنا نراه في بلادنا؟

 

إن اول عيد تعيشه في وطن غير وطنك يكون موحشاً بطريقة او بأخرى , ليس لأي سبب بل لأنك اعتدت على أن تقبل جبين أمك في العيد و تستيقظ مع إخوتك و ترى مظاهر الفرح في عيون أطفال الجيران و العائلات الأخرى التي ستزورك فقط في الأعياد .

 

فتاة مثلي تزوجت من شاب ياباني قد دخل في الإسلام من جديد بفضل الله وانتقلت معه للعيش في اليابان ستفكر أنّ هذا هو العيد الأول بالنسبة إليه و كنت أريده أن يجرب شعور العيد للمرة الأولى بين المسلمين في الدول العربية و بين أهلي في فلسطين خاصة .

 

لم أكن أتوقع الكثير من العيد الأول , لكنه لم يكن سيئاً أبداً.

 

ربما لم آخذ العيدية التي اعتدت على أخذها من أبي وامي ولم أرى اخوتي سوى عبر الفيديو , لكني كنت متأكدة أنني أستطيع أن اخلق عيداً مميزا بتفاصيل بسيطة جداً لنصنع الفرح بأيدينا.

 

قبل العيد بيومين, كنت اتسائل ماذا يمكن أن افعل كي استشعر العيد ؟  فاتفقت مع صديقتي السورية التي يبعد بيتها عن بيتي ساعة كاملة بالسيارة أن نصنع المعمول وكعك العيد معاً كي نشعر بالعيد سوياً , لأن المغتربين بالعادة لا يشعرون بأي شيء من مظاهر العيد خاصةً إن كان لديك أطفال قد ولدوا في اليابان و لم يعيشوا أبداً شعور العيد في بلادنا العربية .

 

وقبل أن نذهب إلى بيتهم , كنت قد جهّزت لأطفال صديقتي هدايا العيد البسيطة مع الشوكولاتة فأنا أريد منهم أن يعرفوا أن العيد وجد لنتبادل الحب والهدايا ونصل الأرحام و نزور الأصدقاء .

 

بعد أن وصلنا هناك , كان استقبالهم هو بداية العيد بالنسبة إلي , شعرت بإحساس كما لو أنّي في بلادي حقاً . ثم سألتهم : هل تعرفون ماذا نفعل في العيد في بلادنا العربية ؟ فأجابوني بأنهم لم يجربوا من قبل زيارة البلاد العربية لكنهم كانوا سعيدين جداً ان هناك أحد يستطيع أن يبادلهم الحديث باللغة العربية .

صنع المعمول

عندما قررنا صناعة المعمول في اليابان واجهنا صعوبات في إيجاد بعض مكونات المعمول , فهنا ستحاول أن تجد البدائل ولكن البدائل كانت تأتي بأسعار أعلى من الأسعار التي اعتدنا على أن نراها في بلادنا .

 

فمثلا المعمول يعتمد في صنعه على السمن الحيواني و السميد , فقمت بجولات عديدة لمحلات قريبة وبعيدة للبحث عنه ووجدتهم اخيراً في محل واحد في كل هذه المدينة الكبيرة .

 

ولقد اشتقت لطعم المستكة العربية التي تستخدم في معظم حلوياتنا العربية , لكنّي طبعاً لم اجدها . حتى عجوة التمر كان من الصعب الحصول عليها , فهي موجودة فقط في مواقع الشراء عبر الانترنت . اما باقي المكونات فكانت موجودة كالطحين و السكر و المكونات الأخرى .

 

ولصنع المعمول أيضاً كنا نحتاج لقوالب بأشكال معينة نستخدمها في بلادنا , لكن هذه المرة كنت محظوظة فقد وجدت لدى صديقتي قالب جميل وصنعنا اشكالاً أخرى بأنفسنا . إن رائحة المعمول التي تفوح في أرجاء البيت هو أكثر ما يميّز الأعياد .

 

مظاهر العيد البسيطة

قررت أيضاً أن أزيّن البيت بزينة تدل على الفرح فنحن في بلادنا نضع الاضواء الجميلة على نافذة بيوتنا في المناسبات السعيدة , فأحضرت اضوءاً جميلة على شكل نجوم و احضرت كرتاً بزخرفة جميلة كتبت عليه: عيد مبارك . هذه كانت هديتي لزوجي في العيد الأول له . كانت ردة فعله جميلة : قال هل تصنعون اشياءاً كهذه في العيد ؟؟ لم أكن اعرف من قبل .

 

وقمت بتذكيره أنّنا سنصوم قبل عيد الأضحى يوماً واحداً اسمه وقفة عرفة  .

 

لابد أن شراء الملابس الجديدة هي إحدى طقوس العيد التي لا يمكن الاستغناء عنها , فذهبنا لشراء الملابس الجديدة لنستقبل العيد بحلّة جديدة .

 

معمول عربي بقوالب يابانية

 

وانا افتّش في موقع للشراء عبر الانترنت وابحث عن قوالب لصناعة المعمول , وجدت قوالب بأشكال يابانية و بجودة عالية اثارت اعجابي كثيراً لتجربتها فقمت بشرائها على الفور لأن اشكالها بدت لي ستكون مناسبة جداً لصنع المعمول في اليابان , سيكون مميزاً جداً , فكان قد تبقّى لدي من المكونات التي أحضرتها من قبل لصنع المعمول أنا وزوجي سويّاً .

 

 

إن تجربة صناعة المعمول مع زوجي كانت جميلة جداً خاصةً أنّها مرّته الأولى و أنه يستخدم أشكال يابانية بحتة , استطعت أن امزج شيئا من الثقافة اليابانية بالمعمول العربي , إنه مزيج رائع يستحق التجربة, وكنت قادرة على أن استشعر العيد بفرحة زوجي وهو يصنع المعمول الذي أعدّته زوجته العربية بأشكال خاصة ببلده .

 

في ليلة العيد

بعد أن جهزنا المعمول بحشوات مختلفة كالجوز و الفستق الحلبي والعجوة وحضّرنا علب المعمول كهدايا لأصدقائنا المغتربين القريبين من بيتنا ثم جهزنا ملابسنا الجديدة , سألني زوجي : ماذا تفعلون أيضا في هذا العيد ؟ قلت : نذبح الخرفان او العجول ونأكل اللحوم .

 

ثم سألني سؤال آخر : لماذا تذبحون قرباناً إلى الله في هذا اليوم فأخبرته أن هناك قصة للنبي ابراهيم وابنه اسماعيل للتضحية , فقال : هل تقصدين قصة ابراهيم وابنه اسماعيل عليهم السلام عندما فداه الله بكبش عظيم ؟ أنا اعرف القصة بأكملها , ثم قصّها لي كما يعرفها و أحببت الاستماع إليها منه من جديد , لقد فاجئني أنه يعرف الكثيرعن الإسلام من قبل فقد درس التاريخ الإسلامي والعربي في تخصصه الجامعي  .

 

في يوم العيد

 

كان قد انتهى موسم المطر , فأشرقت الشمس ككل مرة كانت تشرق فيها في بلادنا , لكني لم استيقظ على صوت تكبيرات العيد ككل عام , قمت من النوم و فتحت الستائر لاستشعر الشمس المشرقة و فتحت تكبيرات العيد من اليوتيوب وجهزت القهوة سريعة التحضير بدلاً من القهوة العربية التي اعتدنا ان نشربها في صباح العيد مع المعمول , كل شيء بدا مختلفاً ولكن الفرحة لا بد لها أن تكون في داخلنا .

 

صلاة العيد في اليابان موجودة ولكن مع وجود كورونا كان الناس أقل وليس ذلك فحسب بل السبب الأقوى أن ليس هناك عطلة في اليابان لتحتفل بالعيد في وقته المحدد و تؤدي الصلاة و تقوم بواجباتك كمسلم في العيد .

 

الأضاحي في اليابان

 

إن اليابانيين بشكل عام يخافون من فكرة الذبح وقتل الحيوانات بمذبحة او بمكان واحد , إنه يخلق صورة سلبية عن الإسلام لأنهم لم يتطرقوا لمعرفة المعنى الحقيقي للأضاحي , إنه لأمر صعب أن تشرح اسباب التضحية للأجانب والغير مسلمين , لكن وعلى النقيض من ذلك ستجد منهم من يحب فكرة أنك ستساعد المحتاجين بشراء اللحم و ليس لتأكله أنت فقط .

 

ربما المسلمين هم من الاقليات في اليابان ولكن في هذه السنة 2020 كان بإمكانهم التضحية في البلدان العربية كسوريا وفلسطين و من البلدان المسلمة كإندونيسيا حيث يوجد موقع يمكنهم من خلاله التسجيل ودفع ثمن الاضحية لتصل إلى تلك البلدان المحتاجة .

الملخص

العيد في مدينة هيروشيما ليس كالعيد في طوكيو مثلاً لكثرة المسلمين هناك حيث يمكنك أن ترى المساجد المليئة بالمصلّين ,لكن كلّي أمل أن يصبح للمسلمين عطلة خاصة بهم في أعيادهم و خلق مكان مناسب بمجموعات المسلمين كي يشعروا بالعيد وكل طقوسه, و الأجمل لو كان بمشاركة اليابانيين أيضا .

 

العيد الاول في الغربة صنعناه بأنفسنا لكننا لا ندري بعد هذا العيد إن كنا سنشعر به بعد انخراطنا بالعمل وبالمجتمع الياباني ككل  .

 

أنت وحدك يمكنك أن تصنع العيد , انه ليس فقط أن ترى الأهل يجتمعون كلهم على مائدة واحدة والأيادي تتسابق لأخذ لقمة. و ليس أن تأكل الحلوى وتلبس الجديد، بل العيد أن تجد كل من تحبهم فرحين وبصحة جيدة بغض النظرعن اختلاف المكان .

2 تعليقات
  1. Shehab S. Khanji يقول

    تحية الشعل الياباني ونقدر فيه االشعو. الانساني وتعامله الراقي مع الشعوب الاخري وان كان بوجد اختلاف العادات تو التفاليد او المعتقدات الا ان هدا لا بمنع احترام عادات وتقاليد وثقافات الشعوب الاخري وهذا من ميزات الشعوب المنحضرة احترام ثقافات وعادات الشعوب الاخري وان كان هناك اختلاف كبير بينهما
    كما قال الله سبحانه وتعالي
    ( هو الذي جعلكم شعوبا وقبايلة لتعافروا ان اكركم عند الله اتقاكم )

    1. فاطمة يقول

      شكراً جزيلاً لك على رسالتك الجميلة والمعبرة! نحن سعداء جداً بقراءة رسالتك! فعلا كما قلت كلنا خلقنا لنتعرف على بعضنا على البعض، ولهذا أقمنا هذا المشروع المقدم من اليابان لتعريف العرب باليابان بشكل جيد وممتع ونفس الوقت لنتبادل مع العرب معلومات ثقافية وعن عاداتهم وتقاليدهم. وإن شاء الله سنحقق أهداف كثيرة من شأنها أن تجلب النفع والسعادة للعالم العربي واليابان في نفس الوقت. شكرا جزيلا لك سنبذل جهدنا ونتمنى أن تستمتع وتستفيد معنا!

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط