نُقدم لكم ثلاث قصص يابانية شعبية قديمة “كينتارو، بونبوكو تشاغاما، إيسّون بوشي”!

0

يوجد العديد من القصص الشعبية اليابانية التي تم توارثها منذ قديم الزمان حتى يومنا هذا. وهناك قصص شعبية مشهورة جداً يتعلمها الأطفال اليابانيين منذ الصغر ونجد كتبها في المكاتب، وحتى هناك أعمال أنمي تقتبس حكاياتها من تلك القصص. فهذه القصص اليابانية الشعبية لها طابع مميز ومشترك فيما بينها يشعر به القارئ بعد التعرف على بعض من هذه القصص.

 

وبما أن هذه القصص جزء مهم من الثقافة اليابانية، فإن التعرف عليها وقراءتها أمر ممتع ومفيد خاصةً لمحبي القصص. وفي هذه المقالة سنتعرف على ثلاث قصص شعبية مشهورة في اليابان. لنبدأ جولتنا في عالم القصص اليابانية!

 

قصة كينتارو

كان في يوم من الأيام يوجد طفل يُدعى كينتارو يعيش مع والدته في مكان يُدعى جبل أشيجارا. كان كينتارو يرتدي “هراجاكي” أحمر “نوع من الملابس التي كان يرتديها الأطفال الصغار في الماضي” صنعته والدته من أجله مُزيناً برمز كانجي (كين 金) ويعني “ذهب”.

 

وقد كان كينتارو مفعماً بالنشاط لا يتعب، وقوياً جداً بالنسبة لعمره لدرجة أنه كان يقطع ويقتلع الأخشاب بسرعة وقوة فائقة.

 

كان كينتارو قليل التواصل مع البشر، وكانت الحيوانات التي تعيش في الجبال هي أصدقائه، مثل الأرانب والقرود والخنازير البرية والدببة.

 

وقد كانت جميع الحيوانات تحب كينتارو ويلعبون معاً مصارعة السومو، ولكن لم يستطع أحد التغلب على كينتارو ولو لمرة. فقرر أحد الدببة الذي كان فخوراً بقوته أن ينافس كينتارو بالسومو ولكن كينتارو فاز.

 

 

وفي أحد الأيام حمل كينتارو الفأس وصعد على ظهر الدب ونزل مع أصدقائه من الجبال. وفي الطريق وصلوا إلى منحدر يطل على جدول كبير لا يوجد جسر لعبوره. فقال الدب: “سأطرح الشجرة وأجعلها جسراً”.

 

فحاول الدب دفعها ولكنها لم تتزحزح. فقال كينتارو: “سأجرب!” ودفعها بكل قوته فتحركت الشجرة وسقطت فوق النهر.

 

فسمعوا صوتاً من خلفهم يقول “يا لها من قوة لا تصدق!” فاستدار كينتارو فرأى ساموراي مع أتباعه. فقال الساموراي لـ كينتارو، “قوتك لا تصدق! هل تود أن تصبح من أتباعي؟” تفاجأ كينتارو وفرح حيث كان يرغب في أن يصبح ساموراي قوي وشجاع.

 

فعاد كينتارو إلى المنزل وأخبر والدته بأنه يرغب في أن يصبح ساموراي، فردت عليه والدته “أنا متأكدة من أنك ستكون محارباً قوياً. في الواقع كان والدك محارباً قوياً، لا تقلق علي واذهب.”

 

فودّع كينتارو والدته وأصدقائه من الحيوانات قبل أن يتوجه إلى الجبال. وقال لأمه: “أشكرك على تربيتي والاعتناء بي. لن أنسى أبداً لطفك. سأعود لك قريباً”.

 

بعد أن ذهب كينتارو تدرب جيداً واكتسب الخبرة والقوة والثروة وأيضاً الشهرة باعتباره ساموراي، أصبح يُعرف باسم “ساكاتا نو كينتوكي”.

 

ومن إنجازاته البارزة أنه أصبح من الشجعان الأربعة “الخدم الأسطوريين للأرض”، وهزم الغول الذي عاش في الجبل. وبعد هذه الانجازات بنى كينتارو منزلاً مريحاً لوالدته في المدينة حيث يمكنها أن تقضي أيامها في راحة. النهاية.

 

 

تحظى قصة كينتارو بشعبية في اليابان منذ القدم، ومعنى اسم كينتارو هو “الفتى الذهبي” وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات في سرد أحداث القصة، إلا أن القصة تركز على أن كينتارو هو فتى يتمتع بقوى فائقة، نشأ في الغابة وأصبح صديقاً للعديد من الحيوانات.

 

تُعتبر شخصية كينتارو كشخصية طرزان في اليابان، حيث نشأ في البرية وقاتل أنواعاً مختلفة من المخلوقات الغريبة. كما يُقال إن قصة كينتارو تأتي من رغبة الآباء في أن يكبر أولادهم الصغار بقوة وشجاعة تماماً مثل البطل. 

 

فتظهر شخصية كينتارو في العديد من أعمال مسرح الكابوكي ونوه، كما يتم وضع زينة دمى ورسومات لكينتارو في يوم الطفل ويوم الأولاد في اليابان، على أمل أن يصبح الأطفال شجعان وأقوياء مثل كينتارو.

 

كينتارو فوق راية سمك الشبوط “زينة يوم الطفل ويوم الأولاد”

 

بونبوكو تشاغاما

كان يامكان في قديم الزمان كان يوجد معبد، وفي أحد الأيام كان هناك رجل تاجر يسير في الغابة. وفي طريقه وجد كلب الراكون “تانوكي” واقع في فخ ويتألم فحزن عليه وأطلق سراحه. وفي اليوم التالي، كان الرجل يمشي في نفس الطريق فوجد غلاية شاي قديمة على الأرض، شعر أن تركها على الأرض سيكون مجرد إهدار، فالتقطها ونظفها فأصبحت تبدو أجمل مما كانت عليه.

 

اعتقد الرجل التاجر أن الكاهن في المعبد يحتاج غلاية شاي جديدة، فذهب ليبيعها له. كان الكاهن سعيداً برؤية غلاية شاي جديدة وجميلة، فدفع الكثير من المال للتاجر.

 

وفي منتصف الليل، سمع الكاهن ضجيجاً أيقظه من نومه. فذهب ليتفقد ما يحدث في الغرفة المظلمة حيث مصدر الصوت، فتفاجأ برؤية كلب الراكون على شكل غلاية شاي وارتعب بشدة. فذهب ليدعو جميع الكهنة الشباب ليروا ما رآه، إلا أن الراكون سرعان ما أخذ شكل الغلاية بالكامل بسرعة. وعندما وصل الكهنة الشباب لم يروا سوى غلاية شاي عادية. فقالوا للكاهن “لابد أنك تحلم!”

 

وعندما حان وقت تقديم الشاي كان الكاهن مشغول جداً في صبه وتقديمه من الغلاية، ولكنه كان متفاجئاً أنه مهما استهلك من مياه ساخنة من الغلاية فأنها لا تقل، فكان هناك ما يكفي من المياه للجميع! ولكن لم يستطيع كلب الراكون تحمل حرارة النار العالية، فقفز من إبريق الشاي وكشف هويته وتفاجئ الجميع!

 

 

طلب الكاهن من الرجل التاجر المجيء ليفهم منه قصة كلب الراكون العجيب، فأخبرهم كلب الراكون “كنت أرغب في سد الدين مقابل لطف الرجل التاجر الذي أنقذني، ولكن كان من الصعب بالنسبة لي الاستمرار في التهرب من أطرافي ومحاولة شدها داخل الغلاية” فضحك الكاهن بصوت عالٍ ومدح كلب الراكون قائلاً: “هذا مذهل! أنا راضٍ على نجاحك في الخدمة. شكراً لك”

 

فكر الكاهن قليلاً وقال: “أريد أن أظهر لأهالي القرية غلاية شاي الراكون هذه!” كان كلب الراكون سعيد جداً بهذا الاقتراح، ووعد الكاهن بأن يظهر أفضل ما لديه للناس.

 

فتم إبلاغ الكهنة الشباب في جميع أنحاء القرية بأن أداءً جميل وغير معتاد سيتم عقده في المعبد، فجاء الكثير من الناس إلى المعبد. وبدأ العرض وكان دور كلب الراكون هو الرقص بشكله في غلاية الشاي، والمشي بالحبل أثناء الرقص والهبوط على الأرض! تفاجئ الجميع وصفقوا لكلب الراكون، فأصبح الراكون مشهور، وجاء الكثير من الناس من القرى القديمة من أجل رؤية العرض في المعبد.

 

 

وبفضل كلب الراكون، استطاع الكاهن جني الكثير من المال. ولذلك أصبح يُطلق عليه اسم “بونبوكو تشاغاما” ويعني “السعادة تطفو كالفقاعات مثل الشاي في الإبريق”. النهاية.

 

الآن ينام بونبوكو تشاغاما في معبد “مورينجي” ويُقال إنه أحياناً يمد أطرافه من غلاية الشاي ويتجول حول المعبد في منتصف الليل.

 

إيسّون بوشي

كان يامكان كان يوجد رجل عجوز وامرأة عجوزة يعيشان معاً بدون أبناء، فكانا يصليان من أجل أن يُرزقا بطفل حتى وإن كان بحجم صغير. فتحققت أمنيتهما وأنجبت المرأة العجوزة طفل صغير جداً بحجم إبهام اليد تقريباً. فأطلق عليه الزوجان على الفور لقب “إيسّون بوشي” ويعني “فتى بوصة واحدة”.

 

كبر إيسّون بوشي وأصبح شاب يُعتمد عليه وشجاع، ولكن حجمه لم يكبر. وفي يوم من الأيام أخبر إيسون بوشي والديه أنه يرغب في الذهاب إلى العاصمة للعمل. فقام الرجل العجوز بصنع سيف من إبرة خياطة بمقاس يناسب إيسّون بوشي. بينما وضعت المرأة العجوزة وعاء حساء فارغ في النهر حتى يستعمله إيسّون بوشي كقارب للذهاب للعاصمة.

 

وهكذا ركب إيسّون بوشي الوعاء وجدف بمهارة باستعمال عصا تناول الطعام وانطلق إلى العاصمة.

 

 

بعد أن وصل إيسّون بوشي إلى العاصمة بحث عن أجمل وأكبر منزل، وبعد أن وجده دق الباب وقال: “من فضلك افتح البوابة، لدي طلب”. فتح صاحب المنزل البوابة ونظر حوله، لكنه لم يرى أحداً. فقال إيسّون بوشي: “أنا تحت قدميك”. اكتشف السيد أخيراً أن إيسّون بوشي الصغير يقف بجوار حذائه عند مدخل البوابة.

 

تفاجأ السيد بحجم إيسّون بوشي الصغير، ولكن إيسّون بوشي قال بشجاعة: “اسمح لي أن أعمل هنا”. وافق السيد وأصبح إيسّون بوشي يعمل بنشاط كل يوم فتم تعيينه كمرافق للأميرة التي تسكن المنزل.

 

وفي يوم من الأيام اصطحبت الأميرة إيسّون بوشي معها ليرافقها في طريقها إلى معبد “كيوميزو”. ولكن فجأة ظهر غولان أمامها وسدا الطريق ولم يسمحا لهما بالعبور. فأخذ إيسّون بوشي سيفه وقفز على الغولان، ولكن فجأة ابتلعه أحد الغيلان في مضغة واحدة.

 

ولكن إيسّون بوشي الشجاع أخذ يطعن في بطن الغول من الداخل حتى أصبح يتألم لدرجة أنه ألقى إيسّون بوشي من معدته. فقفز إيسّون بوشي على الفور على حاجب الغول الآخر وطعن عينه. وهكذا هرب الغولان بعيداً، ولكن بقي وراءهما مطرقة سحرية.

 

 

فالتقطت الأميرة المطرقة وقالت: “إذا لوحت بهذه، فإن أي شيء تطلبه مثل المال أو الأرز سيكون ملكك”، فأجاب إيسّون بوشي: “أنا لا أريد المال ولا الأرز. كل ما أريده هو أن أصبح بالحجم الكامل”. أومأت الأميرة برأسها ثم لوحت بالمطرقة وهي تغني “إكبر، إكبر” وهكذا كبر إيسّون بوشي وأصبح محارب ساموراي كامل النمو. وتزوج الأميرة وعاشا مع والديه في سعادة دائمة. النهاية.

 

 

الخلاصة:

في هذه المقالة تعرفنا على ثلاث قصص يابانية شعبية قديمة ومشهورة يعلمها معظم الكبار والصغار في اليابان. كما لاحظنا تتمتع القصص اليابانية بحبكة واضحة وسلسلة تنقل لنا دروس وآداب بطريقة واضحة وممتعة. إذا كنتم من محبي القصص وخاصةً الشعبية فأنتم في المكان المناسب حيث يوجد الكثير من الحكايات والقصص الشعبية القديمة في اليابان تناسب الجميع وتتناول مواضيع متعددة.

 

أتمنى أن المقالة كانت ممتعة ومفيدة، وأشكركم على القراءة!

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط