ماذا يوجد في الغرف اليابانية التقليدية؟ نقدم لكم أدوات يابانية تقليدية!

0

يُطلق على الغرف ذات الطراز الياباني التقليدي اسم (واشيتسو 和室) باللغة اليابانية. وهي غرف تمتاز بتصميم داخلي فريد وتحتوي بشكل أساسي على حصيرة “التاتامي”، ولذلك تُعرف هذه الغرف أيضاً باسم “غرف التاتامي”. أما تصاميمها الأخرى تتمثل في الأبواب الخشبية والورقية المنزلقة والرسومات والزينة على الجدران والسقف. وهذه الغرف تمتاز بقلة المفروشات فيها فالطراز الياباني لا يعتمد على المفروشات الغربية الثقيلة.

 

حتى وإن كانت مساحة الغرفة صغيرة، فإن تصميمها المميز يجعلها تبدو واسعة ومريحة جداً للنظر. فهي تعتمد على استغلال المساحة بذكاء، مثلاً يمكن تحريك الأبواب التي تفصل بين الغرف وتغير مكانها أو إزالتها لجعل المكان مناسب. هذا إلى جانب استعمال الخزانات التقليدية الموجودة في جدران الغرف لضب المفروشات اليابانية مثل “الفوتون” وغيرها وإخراجها عند الحاجة لها.

 

ويُقال أن تصاميم هذه الغرف تعود لفترة “موروماتشي” عندما كانت هذه الغرف يستعملها الأثرياء والحكام قبل أن تنتشر تصاميمها تدريجياً للعامة لتصبح غرف استقبال ومعيشة وبعدها تحولت لبيت كامل على هذا الطراز الجميل.

 

وفي هذه المقالة سأقدم لكم بعض من مزايا الغرف اليابانية التقليدية بما فيها من أغراض وأدوات.

 

حصيرة التاتامي

حصيرة التاتامي وهي حصيرة سميكة مصنوعة من قش نبات الأسل المنسوج، أما اللب فهو مصنوع من قش الأرز. ولكن هناك بعض أنواع التاتامي العصرية تتكون من ألواح مضغوطة من رقائق الخشب أو وسطها مملوء برغوة البولسترين العازل للحرارة. ولهذا تمتص هذه الحصائر حوالي 500 مليلتر من الرطوبة في الأيام الحارة بالصيف وتطلقها في الأيام الجافة. مما تعطي شعوراً بالبرودة والراحة في الصيف الحار.

 

ويبلغ حجم الحصيرة الواحدة حوالي متر في مترين وهي ناعمة الملمس. ولاسيما أن هذه الحصائر تعطي شعوراً مريحاً برائحة نبات الأسل المصنوعة منه، والذي يتميز بمرونة مريحة عند الجلوس أو النوم على الحصائر.

 

 

في الماضي لم تكن حصيرة التاتامي سميكة مثل اليوم، بل كانت رقيقة وقابلة للطي. فاسمها في الأصل مشتق من الفعل “تاتامو” ويعني يطوي الشيء أو القماش. ولطالما كانت هذه الحصائر المنسوجة يستعملها الأشخاص الأغنياء أو ذوي المكانة العالية في اليابان ليجلسوا عليها، حتى أنهم لم يملكوا غرفة كاملة مفروشة بحصيرة التاتامي.

 

أما في القرن الخامس عشر بدأ نظام الغرف المفروشة بحصائر التاتامي بالانتشار. ومع ذلك لم تتوفر هذه الحصائر للشعب عامةً حتى أواخر القرن السابع عشر، في ذلك الوقت استمتع اليابانيون بفرش بيوتهم بها والاستلقاء عليها.

 

وكما لاحظنا أن حصائر التاتامي جزءًا لا يتجزأ من المنازل اليابانية على مدى التاريخ، لدرجة أن حجم الغرف في اليابان يُقاس في كثير من الأحيان بعدد الحصائر التي تناسبها. على سبيل المثال غرفة مقاسها ثمانية حصائر وهكذا. ولا بد من الانتباه أنه يجب خلع الأحذية حتى نعال البيت النظيف قبل دخول غرفة مفروشة بحصائر التاتامي.

 

 

أبواب شوجي

في الغرف على الطراز الياباني لا توجد أبواب بأقفال، ولكن تُستعمل أبواب “شوجي” و”فوسوما” للفصل بين الغرف والمساحات داخل المنزل. لنبدأ بأبواب شوجي وهي عبارة عن شبكة من القضبان الخشبية ملصق عليها الورق الياباني من نوع “واشي”. ولكن ماذا يعني شوجي؟ إن كلمة شوجي (障子) في الأصل تعني “عرقلة شيء ما”، وهذا المعنى ينطبق في وظائف أبواب شوجي، فورقها سميك بنسبة قليلة ويحجب الرؤية إلى حد ما، وتعمل كالستائر تقريباً أو مثل باب رقيق يعطي الخصوصية لمن في الداخل مع السماح بالصوت والضوء إلى الظهور بنسبة قليلة.

 

ولديها القدرة على حجب الرؤية من الخارج مع إدخال ضوء خفيف من أشعة الشمس داخل الغرفة في آن واحد. وقد اُبتكرت هذه الأبواب لتتناسب مع مناخ اليابان ذو درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية، حيث تقوم بدورها في ضبط درجة الرطوبة وتغيير تيار الهواء في المكان.

 

 

أما بالنسبة لتاريخ هذه الأبواب الورقية، فهو يعود إلى أكثر من ألف عام. وذلك عندما انتقل إلى اليابان الشاشات الورقية من الصين في فترة هييان. وكانت تمتاز الأوراق الصينية التي نُقلت لليابان آنذاك بثقلها وضخامتها حيث كانت تُستعمل كأقسام بين الغرف.

 

فأخذ اليابانيون هذه الأوراق كمصدر إلهام لصنع نسخة خفيفة الوزن ومحمولة. وكان البديل هو أبواب الشوجي وقد كانت مناسبة للعديد من الأغراض. حيث بدأ اليابانيون في استعمالها في قاعات حفل الشاي وفي القلاع وخلفيات لعروض المسرح وفي المعابد.

 

وقد أصبحت أبواب شوجي شائعة في فترة “كاماكورا” (1185-1333م). وقد تميز هذا النمط بالتواضع وعدم التناسق، مما أدى إلى إنشاء منازل أكثر وصغيرة الحجم. فقام اليابانيون بدمج أرضيات التاتامي وأبواب شوجي المنزلقة. ومع انتقال أبواب شوجي لمنازل عامة الناس تم تعديل البناء وإتقانه. وبحلول فترة “إيدو” (1603-1868م) ظهرت أبواب شوجي كما هي عليه الآن.

 

تُزين أبواب شوجي غرف وواجهات المنازل والمعابد والقصور اليابانية. لطالما كانت ومازالت عنصرًا أساسيًا مهمًا في المنازل اليابانية التقليدية.

 

 

وأيضاً يوجد نوع مميز وهو “يوكيمي شوجي” ويعني أبواب شوجي لمشاهدة الثلوج، وهي عبارة عن تصميم مزدوج من الشوجي والزجاج يسمح برؤية المنظر في الحديقة، حيث يمكن سحب النصف السفلي لأعلى حسب المستوى المرغوب للاستمتاع بمشاهدة الطبيعة والثلج.

 

 

أبواب فوسوما

هذا النوع من الأبواب شبيه لأبواب شوجي وهي مصنوعة من الورق الثقيل داخل إطار خشبي، وتُستعمل كحواجز للحجب والفصل بين غرفة وأخرى، وكما أن فوسوما (ふすま) تختلف عن الحوائط المركبة حيث يمكن إزالتها وقت اللزوم وتغيير نظام الغرف بحرّية. في الواقع كان يُشار إلى أبواب فوسوما على أنها نوعًا من أبواب شوجي ولكنها الآن يُشار إليها بشكل منفصل. وبكل سهولة مثل باب شوجي ما عليكم سوى الاستئذان ثم فتح باب فوسوما بكلتا اليدين لينزلق إلى الجانب.

 

أما بالنسبة لتصميم أبواب فوسوما، يتوفر اللون الأبيض السادة في الغالب لأنه لون الورق الأصلي، ولكن هناك الكثير من التصاميم التي أبدع فيها اليابانيون، مثل تزيينها برسومات للطبيعة وللطيور بفن راقي ومريح للنظر. كما يوجد رسومات بسيطة وهادئة كما تشاهدون في الصورة التالية باب فوسوما مزين في نهايته بألوان هادئة.

 

 

فرشة “فوتون”

وهي فرشات رفيعة مستطيلة الشكل وقابلة للدحرجة مليئة بحشوة من القطن لتوفير الراحة والدعم المبطن. ويتوافر منها أحجام متنوعة لتلبي احتياجات الجميع من أجل نوم مريح. في الماضي كان يتم استعمالهم فوق حصيرة التاتامي لجعل الفرشة مرتفعة قليلاً عن الأرض. ومازال الكثير من اليابانيين حتى يومنا هذا ينامون على الفوتون فوق حصيرة التاتامي.

 

أما مزايا الفوتون هو أنه يمكن طيها بسهولة ووضعها في الصباح داخل الخزانة الخاصة بالمفروشات وذلك لاستغلال مساحة الغرفة الفارغة بحرّية طوال اليوم. كما أنه يسهل تنظيف الفوتون وجعله يحتفظ بنعومته وملمسه الطري. وهو عادةً يُباع مع الوسادة والغطاء وبتصاميم متنوعة مع احتفاظ باللون الأبيض كعنصر أساسي.

 

 

عند استعمال فراش الفوتون فلا بد من اتباع بعض القواعد من أجل فرشة سليمة ونظيفة. ومن هذه القواعد أنه يجب استعمالها مع شيء تحتها يسمح بتدفق الهواء لمنعه من الاحتفاظ بحرارة الجسم ورطوبته، وهذا قد يسبب بيئة رطبة مثالية للعفن الفطري ونمو البكتيريا. ولهذا كما أخبرتكم يوضع تحتها حصيرة التاتامي أو أي شيء آخر مشابه.

 

لابد من تدوير فرشة الفوتون وقلبها للتأكد أنها متساوية من أجل نوم مريح، والحرص على تهويتها تحت أشعة الشمس لتتطهر بفعل حرارة الشمس من الجراثيم على الأقل مرة شهرياً أو يفضل مرة كل أسبوع. وبالتأكيد لابد من الانتباه لنظافة الأرض قبل وضع الفرشة وهكذا ستدوم معكم فرشة فوتون نظيفة وجديدة دائماً.

 

 

اللفائف المعلقة “كاكِجيكو”

كاكِجيكو وهي لفافات معلقة يابانية، تشبه لوحة مُلصق بها لوحة أخرى يُرسم عليها رسومات بألوان هادئة وجميلة عادة ما تكون مستوحاة من جمال الطبيعة مع طابع ياباني، كما ويتوفر منها لفائف مكتوب عليها شعر أو كلمات يابانية باحتراف وغيرها من زينة. وعادةً ما يتم تثبيتها بحواف من نسيج الحرير على دعامات خشبية مرنة. حيث يمكن لفها للتخزين.

 

ويوجد نوع شبيه لهذه اللفائف يُدعى “ماكي مونو” وهي مصممة لأن تكون منبسطة بشكل جانبي على سطح مستوٍ، بينما كاكِجيكو مصممة للتعليق على الحائط كجزء من الزخرفة الداخلية للغرفة.

 

 

يتم عرض كاكِجيكو تقليديًا في غرف “توكونوما” الجزء الذي تشاهدونه في الصورة. ويمكن أيضًا عرضها في أهم غرف في المنزل، إذ توحي بالأناقة وبالفن الياباني العريق. ولذلك غالباً ما يوجد أشياء أخرى ثمينة بجانبها خاصةً في الماضي كان الساموراي يضع سيفه بجانبها. وأيضاً يُوضع بجانبها الدمى اليابانية أو مزهريات بزهورها المنسقة وغيرها من أغراض.

 

وغالباً ما تجدون كاكِجيكو في غرف حفل الشاي أو في غرفة اللورد أو الزعيم الإقطاعي في القلعة، كما ستجدونها كثيراً في غرف فنون الدفاع عن النفس التي تُسمى “دوجو”، وتوجد في الكثير من البيوت اليابانية خاصةً التقليدية.

 

ويُعرف بأن كاكِجيكو لا تُستعمل في التعليق بشكل دائم وهذا ما يجعلها متعددة الاستعمالات. حيث يمكن تغييرها على فترات متكررة ووضعها في أكثر من منطقة حسب المناسبات والضيوف والمواسم.

 

 

طاولة “تشابوداي”

وهي طاولة ذات أرجل قصيرة تُستعمل في المنازل اليابانية التقليدية. يتراوح ارتفاع تشابوداي الأصلي من 15 سم فقط إلى أقصى ارتفاع 30 سم. عادةً يتم الجلوس حولها مباشرةً على حصيرة تاتامي أو على وسادة “زابتون” تقليدية، كما يوجد هذه الأيام كراسي أرضية متصلة بوسادة ولها ظهر خشبي للارتكاز عليه.

 

وعادةً يكون شكل طاولة تشابوداي دائري أو مستطيل، وغالباً ما يكون هناك تشابوداي قابل للطي، بحيث يمكن تحريك الطاولة وتخزينها بسهولة.

 

 

وتُستعمل طاولة تشابوداي لأغراض متعددة، للدراسة مثلاً أو كطاولة للعمل أو لتناول الطعام وشرب المشروبات الساخنة والباردة مع العائلة. أما في فصل الشتاء غالباً ما يتم تخزين هذه الطاولة واستبدالها بـطاولة “كوتاتسو” وهو نوع آخر من الطاولات قصيرة الأرجل مزودة بسطح قابل للإزالة ومدفأة تحتها، وتُغطى بغطاء دافئ وغالباً ما تجتمع العائلة حولها للتدفئة.

 

 

الخلاصة

الغرف اليابانية كما لاحظتم تتسم بطابع البساطة والفن العميق. إذ إن لفائف كاكِجيكو تتم يدوياً برسم عميق ومبدع يقوم به الرسام بتعمق وبروح يابانية عريقة، مما يعطي انطباع مدهش عند رؤيتهم عن قرب. إن البيت الياباني مليء بالتصاميم التقليدية وقد قمتُ بتقديم بعضاً منها. وجميع هذه الأغراض مازلت تُستعمل حتى يومنا هذا في كثير من البيوت.

 

وإذا أردتم تجربة العيش في بيت ياباني يحظى بطراز تقليدي بشكل كامل فأوصي بزيارة “الريوكان” والمعابد والمدن الريفية، في هذه المناطق ستشعرون بتاريخ اليابان العريق وطرازها الجميل، بالتأكيد يوجد منازل تقليدية في المدن المتحضرة أو حتى منازل حديثة مندمجة مع تصاميم تقليدية. ولكن المناطق التي ذكرتها لكم توفر لكم جو ياباني كامل.

 

وإذا كنتم من محبين هذه الأغراض اليابانية التقليدية يمكنكم شراؤها عند زيارتكم لليابان أو من خلال الإنترنت. وأشكركم على القراءة.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط