ما هي قيمة الهدايا اليابانية؟ نُقدم لكم ثقافة اليابان في تقديم الهدايا!

0

إن تبادل الهدايا عادة مشهورة ومحبوبة في جميع أنحاء العالم، فهي تزيد من المحبة وتنشر السعادة سواء كانت بسيطة أو ثمينة. فالهدية رسالة توحي بأن الشخص يهتم بأمر الطرف الآخر ويريده أن يكون سعيداً. وقد نرى عادات متنوعة وتختلف من بلد لآخر في مناسبات وطرق تقديم الهدايا، ولكن في النهاية يبقى المعنى واحد وهو “الهدية وما تحويه من مشاعر”.

 

ومع ذلك، سنجد أن ثقافة تقديم الهدايا ومناسباتها المميزة في اليابان تختلف عن العالم بكونها ثقافة وعادات تقليدية مميزة مستمرة حتى يومنا هذا بشكل شائع. ولذلك في هذه المقالة سأقدم لكم ثقافة اليابان في الهدايا وأشهر المناسبات الخاصة المتعلقة بها، لنبدأ رحلتنا في ثقافة اليابان!

 

مميزات ثقافة الهدايا اليابانية

يمكن التعبير بقول أن لليابانيين إحساس خاص ومميز في ثقافة الهدايا، وكل من مر بهذه التجربة يعلم ذلك جيداً. فبشكل عام يحب اليابانيون إهداء الهدايا عند دخولهم في علاقة مع أحد، وفي كثير من الأحيان يحاولون اختيار هدية تناسب ميول الطرف الآخر واهتماماته. 

 

ومهما كانت الهدية بسيطة أو ثمينة أو حتى إن كانت حلوى من صنع منزلي، فهم يعتزون بها ويفتخرون، كون الهدية تعبر عن اهتمام الشخص بهم ويريد إسعادهم. ومع ذلك مهما كان نوع الهدية فعند الاهداء يراها المرسل متواضعة.

 

لذلك يوجد عبارة يابانية مشهورة عند تسليم الهدية للطرف الآخر وهي “تسوماراناي مونو ديزغا” (つまらないものですが) وتعني حرفياً “إنه شيء ممل، ولكن” هذه العبارة تفيد بأن الهدية متواضعة مهما كانت ولكن تعبر عن الرغبة في أن يقبلها المستلم بسعادة.

 

في الواقع، إن ثقافة تقديم الهدايا موجودة في اليابان منذ القدم حتى بين العامة، حيث كان المجتمع الزراعي يتبادلون ويتشاركون ما يحصدونه من محاصيل زراعية، وهكذا ترسخت ثقافة الهدية والرد عليها منذ فترة هييان. ويقال أن مفهوم الهدايا وأنواعها نشأت وانتشرت عند استعادة مييجي.

 

 

كما يهتم اليابانيون بتغليف الهدايا بشكل مميز ومنظم، حيث يوجد تفاصيل معينة سواء في طرق الطي أو في استعمال الزينة في غلاف الهدية. ويتم الاهتمام بهذه التفاصيل حسب نوع الهدية والهدف منها ونوع المناسبة.

 

ومن أشهر أنواع الزينة والتغليف التقليدي والمشهور في اليابان هو “نوشي” و”ميزوهيشي”، حيث يتم استعمال ألوان وزينة من القش الغير ملون والملون أو الورق المقوى الملون، لصنع عقدة وأشكال لطيفة لوضعها على الهدية.

 

كما يتم استعمال القماش الياباني بألوان جميلة لتغليف الهدايا بالطريقة التقليدية. ويمكن أيضاً وضع زينة نوشي فوق القماش، وهكذا يصبح منظر الهدية جميل وفاخر وتقليدي، تجعل المستلم يشعر بالسعادة بمجرد رؤيتها.

 

ومع ذلك ليس من الضروري المبالغة في التغليف واستعمال مواد مكلفة لجميع المناسبات، أو إذا كان الوضع لايسمح مثل إرسال هدية عن طريق البريد أو إرسال هدية صندوق كبير من الفواكه أو طعام وماشابه. أهم شي هو التنظيم وماتحمله الهدية من مشاعر.

 

 

هدية نهاية العام

هدية نهاية العام تعرف باللغة اليابانية “أوسيبو”، وهي هدية تعبر عن الشعور بالامتنان لمن كانوا طيبين معنا، وكانوا بجانبنا طيلة العام. حيث يقول اليابانيون لبعضهم البعض عند تقديم هذه الهدايا عبارات يابانية جميلة يمكن ترجمتها بهذا الشكل “شكراً لك على العلاقة الجيدة هذا العام، أتطلع إلى علاقة جيدة معك في العام المقبل أيضاً”، أو “أتمنى لك عاماً جديداً تملئه السعادة” والخ. 

 

ويتم إرسال الهدية إلى العائلة مثلاً، الأقارب، الأصدقاء، الجيران، زملاء العمل وغيرهم من أشخاص تربطهم علاقة وإن كانت بسيطة مع المرسل. وبالتأكيد المرسل ليس مجبر لإرسال الهدية للجميع ولكن سيختار الأشخاص الذين يود استمرار علاقة جيدة معهم، ويود إسعادهم في هذه الفترة.

 

وقد يختلف وقت إرسال الهدية اعتماداً على المنطقة، ولكن يُقال أنه يجب أن تصل الهدية بين 13 ديسمبر و 20 ديسمبر. وغالباً ما يجتمع اليابانيون في فترة نهاية العام مع عائلتهم وأقاربهم. لذلك يميلون إلى إرسال هدايا فيها عناصر مفيدة ويمكن للطرف الآخر الاستمتاع والاستفادة بها.

 

على سبيل المثال، يمكن إرسال هدايا طعام مثل، “هدايا المأكولات البحرية” أو “المنتجات البحرية المصنعة”، أو “هدايا اللحوم” مثل لحم البقر أو النقانق التي أصبحت شائعة. ويمكن إيضاً إهداء نودلز محلي الصنع مميز في هدية، وبالتأكيد يمكن إرسال الحلوى التقليدية. وإلى جانب الطعام، تحظى “الهدايا المتنوعة” مثل المنظفات والمناشف التي يمكن أن تكون مفيدة للاستعمال اليومي بشعبية في اليابان.

 

في النهاية، لا توجد قواعد معينة عند تقديم هدية نهاية العام، ولكن من الأفضل التفكير في ميول واهتمام الطرف الآخر قبل تحديد نوع الهدية. ويفضل عدم المبالغة بشراء هدية تثقل كاهل المشتري، أو المستلم عند تفكيره في الرد. الأهم هو التفكير في هدية تعبر عن الامتنان بطريقة جميلة ومتواضعة.

 

 

بطاقة التهنئة بالعام الجديد

وهي بطاقة مخصصة فريدة من نوعها في اليابان تُدعى في اللغة اليابانية “نينغاجو”. وتُستعمل للتعبير عن الامتنان والتقدير لكل من بقي بجانبنا وكان لطيفاً معنا طيلة العام. حيث يتم كتابة رسالة جميلة للتهنئة بالعام الجديد، وقد تضمن الرسالة تقرير بسيط عن حالة الشخص وعائلته أو ما جرى من أحداث جميلة في العام الذي انتهى.

 

وأيضاً تضم الرسالة شكر وتقدير للعلاقة الجيدة، وتمنيات لعام جديد وجميل. وعادةً تكون عبارات التهنئة مكتوبة بخط أوضح عن باقي محتوى الرسالة.

 

ويعود تاريخ هذه العادة في اليابان إلى فترة نارا، حيث كان الناس يذهبون لزيارة بعضهم البعض ويتبادلوا التهنئة بالعام الجديد. ولكن مع توسع نطاق إرسال الرسائل، بدأ الناس يكتبون بطاقات التهنئة ويرسلونها للتهنئة بالعام الجديد للأشخاص الذين يعيشون في مواقع بعيدة. وعندما تم إنشاء النظام البريدي في فترة مييجي، تم إصدار بطاقات بريدية خاصة للتهنئة بالعام الجديد.

 

فانتشرت عادة التهنئة بالرسائل بسرعة، وأصبح يتم استعمالها ليس فقط للأشخاص البعيدون بل أيضاً للأشخاص القريبون. والآن يهتم الكثير من الناس باختيار بطاقات جميلة للتهنئة، وهناك من يصنع بطاقات بتصاميم ورسومات خاصة به، وهناك من يستعمل خدمات شركات الطباعة عبر مواقع الإنترنت أو محلات التصوير الخارجية وغيرها من طرق لطيفة.

 

وفي السنوات الأخيرة، مع انتشار البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، ازداد عدد الأشخاص الذين يرسلون تحيات السنة الجديدة عبر هذه الوسائل على الطريق الحديثة. ومع ذلك تبقى الرسائل البريدية عادة وتقليد مهم يهتم به اليابانيون. وعادةً يرسلونها للأقارب والأصدقاء والجيران ولكل من يودون شكره وتهنئته بالعام الجديد.

 

 إذ تُذكر البطاقة المستلم أنه كان جيداً في العلاقة مع المرسل هذا العام، وهو سعيد بوجوده ويرغب في استمرار علاقة جيدة معه في العام الجديد أيضاً. وهي أيضاً تعد فرصة للتفكير في الطرف الآخر ولبدأ التحدث معه بشكل طبيعي أكثر، أي أنها تقوي العلاقات وتحافظ عليها.

 

 

عينات لبطاقات تهنئة. مجسم البقرة هو زينة لأن عام 2021 هو عام البقرة في الأبراج الصينية.

 

هدية الصيف

يوجد في اليابان أيضاً عادة إهداء هدايا الصيف، وهي تُعرف باسم “أوتشووغين”. ويعود أصولها إلى المهرجانات الصينية في الماضي، والتي تم ربطها لاحقاً بمناسبة “أوبون” لتأبين الأجداد في اليابان. ثم أصبحت هذه العادة مستقرة في النهاية بإهداء هدايا كقربان للأجداد بين الأقارب والجيران.

 

وبعدها في عام 1600 أصبح التجار يقدمون الهدايا لزبنائهم، للتعبير عن الامتنان والتقدير لهم. ومع مرور الوقت تطورت هذه العادة لتصبح عادة للمهاداة الهدايا ليس فقط بين الأقارب والعائلة، بل أيضاً بين الأصدقاء والزملاء في العمل، ومن الرئيس للموظفين.

 

وهدية الصيف، تُعبر عن الامتنان للذين كانوا في علاقة جيدة معنا لمدة نصف عام. وهي أيضاً تنقل التحيات ومشاعر التقدير، فغالباً تحمل الهدية معنى مشترك يمكن ترجمته بهذا الشكل “إنه صيف حار، لكن كيف حالكم؟ احرصوا على شرب المياه جيداً”.

 

ويختلف معاد إرسال هدايا الصيف من منطقة لأخرى في اليابان، فمثلاً يتم إرسال الهدايا في فترة 15 يوليو إلى 15 أغسطس في هوكايدو ومنطقة كانساي. ومن أوائل يوليو إلى 15 يوليو في منطقة توهوكو وكانتو، ومن 1 إلى 8 أغسطس في منطقة كيوشو. 

 

 

 وبما أنه يتم إرسال هدية الصيف في الجو الحار، فقد لا يكون هناك شهية لتناول طعام بشكل جيد. لذا فمن المعتاد أن يتم تقديم البيرة، أو العصير المنعش والحلويات المائية مثل الجيلي و”اليوكان” حلوى تقليدية. وكما يمكن إرسال القهوة والفواكه والطعام مثل الأسماك والمحار الطازج، وكوبونات التسوق “بدل من النقود” وهي من الأشياء المفضلة. 

 

ومن الهدايا الفاخرة من صنف الفواكه هو “فاكهة الشمام” ذات الجودة العالية والطعم المثالي، والتي يزيد سعرها عن 100 دولار، ومع ذلك هناك طلب عليها في فترة إرسال هدايا الصيف. في النهاية جميع أنواع هدايا الصيف مشوقة وجميلة، ويتم تحديد مبلغ الهدية حسب عمق العلاقة وحسب سن المرسل والمرسل إليه. 

 

 

بطاقة التهنئة بالصيف

في الواقع، يوجد في اليابان أيضاً عادة التهنئة بقدوم فصل الصيف، حيث يتم استعمال بطاقة تهنئة تُدعى “شوتشومي” إلى الأحباء والمقربين ومن تربطنا بهم علاقة جيدة. أي بشكل عام يمكن إرسالها لكل شخص ليس قريب منا ونرغب في إرسال التحيات وإخباره أن يهتم بصحته في الصيف الحار ويعتني بنفسه.

 

حيث تضمن الرسالة بشكل عام عبارات متشابهة يتم كتابتها في جميع بطاقات الصيف أهمها عبارة “شُوتشو أوميمايمو موشي أغيماسُ” (暑中お見舞い申し上げます)، وتعني حرفياً “أود أن أعبر عن تعاطفي معك في هذا الجو الحار” وهي تعبر عن الاستفسار عن حالة الطرف الآخر في الصيف الحار.

 

وعادةً يتم كتابتها في بداية الرسالة وبخط واضح وكبير. وأيضاً يتم كتابة عبارات مثل ” أرجوك حافظ على ترطيب جسمك”، “اعتني بنفسك في هذا الجو الحار”، “اتمنى أن تقضي صيفاً جميلاً بصحة جيدة” والخ من أمنيات جميلة.

 

وعادةً تكون تصاميم بطاقات الصيف منعشة وملونة بشكل جميل. وكما هو الحال في بطاقات التهنئة الأخرى يتم تصميم بطاقة تهنئة الصيف وصنعها في المنزل، أو طباعتها، أو يتم شرائها من المتاجر والانترنت.

 

على أية حال، قد تكون بطاقات التهنئة بالصيف ليست شائعة جداً كبطاقات التهنئة بالعام الجديد، لذلك إرسال هذه البطاقات سيفاجئ المستلم ويسعده جداً بأن هناك من يهتم لأمره ويتمنى له الصحة والسعادة.

 

 

الخلاصة:

في هذه المقالة تعرفنا معاً على ثقافة اليابان في تقديم الهدايا، وعلى أهم المناسبات التي يتهادى فيها اليابانيون الهدايا وبطاقات التهنئة بشكل كبير وشائع. حيث يهتم الشعب الياباني بتوطيد العلاقات على الأقل بهدية بسيطة من فترة لأخرى في مثل هذه المناسبات، فإذا كان الشخص مشغول ولايتحدث كثيراً مع الطرف الآخر بسبب بعد المسافة أو العمل والخ.

 

 فمثل هذه المناسبات فرصة مثالية لإرسال هدية وبطاقة تهنئة مع تقرير عن حالة الشخص وماجرى معه من أحداث يود إعلامها للمستلم مع الاستفسار عن حالة المستسلم والخ. في الواقع استلام الهدية أو الرسالة هذا لوحده يوحي بأن المرسل مهتم بأمر المستلم، وهذا من شأنه أن ينشر السعادة ويعمل على توطيد العلاقات.

 

إذا تعرفتم على أصدقاء يابانيون، جربوا تهنئتهم واهدائهم إن استطعتم حتى وإن كان عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فهم سيفرحون بمعرفة أنكم تودون توطيد العلاقة معهم، ولاسيما أنهم سيندهشون بمعرفتكم للثقافة اليابانية. وأشكركم على القراءة.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط